للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التوبة: ٧٥ - ٧٧] فذمهم الله على ترك الوفاء بنذرهم، وعاقبهم على تركه.

وروى ابن عباس: «أن امرأة أتت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقالت: يا رسول الله إن أمي أو أختي ركبت البحر، فنذرت إن نجاها الله أن تصوم، فماتت قبل أن تصوم، فأمرها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن تصوم عنها» .

وإن لم يعلق ذلك على شيء، بأن قال ابتداء: علي لله أن أصوم، أو أتصدق فهل يلزمه بذلك شيء؟ فيه وجهان:

أحدهما - وهو قول أبي إسحاق، وأبي بكر الصيرفي -: أنه لا يلزمه شيء، ولكن يستحب له الوفاء به؛ لأن ما يلزم الإنسان نفسه من الحقوق حقان: حق للآدمي وحق لله، ثم وجدنا أن حق الآدمي يلزم عليه إذا كان بعوض، وهو عقود المعاوضات، وأما ما كان بغير عوض، كالهبة: لا يلزم عليه بالقول من غير قبض، فكذلك حقوق الله تعالى.

والوجه الثاني: يلزمه النذر، وهو الصحيح؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من نذر أن يطيع الله فليطعه» ولم يفرق. ولأنه ألزم نفسه قربة ما، لا على وجه اللجاج والغضب، فلزمه الوفاء به، كما لو نذر أضحية فإنهما وافقا على ذلك.

وأما نذر اللجاج والغضب: فبأن ينذر طاعة، ويخرج نذره مخرج اليمين بأن يمنع نفسه من فعل شيء، أو يلزم نفسه شيئا، مثل أن يقول: إن كلمت فلانا فلله علي كذا، ويريد منع نفسه من كلامه، أو يقول: إن فعلت كذا فلله علي كذا، أو إن لم أفعله فمالي صدقة أو في سبيل الله، فإن لم يكن المنذور حجا ولا عمرة فالمشهور

<<  <  ج: ص:  >  >>