ومن أصحابنا من خرج وجها آخر: أنه مخير: بين البدنة والبقرة، والسبع من الغنم؛ لأن للشافعي قولا آخر - حكاه أبو إسحاق فيمن لزمه بدنة بالوطء في الحج - (أنه مخير بينها، وبين البقرة، والسبع من الغنم) .
وأما صاحب " العدة ": فقال هاهنا: هذا إذا قلنا: إن مطلق النذر يحمل على المعهود في الشرع، فأما إذا قلنا بقوله القديم:(وأنه يجزئه ما يقع عليه الاسم) فلا يجزئه البقرة ولا الغنم هاهنا؛ لأن اسم البدنة من جهة اللسان غير واقع على هذين الجنسين.
قلت: وهذا تفصيل حسن.
وأما إذا نوى - بقوله: بدنة - البدنة من الإبل فقال الشيخ أبو حامد وابن الصباغ: فإن كانت البدنة موجودة لزمه إخراجها، ولم تجزه البقرة ولا الغنم وجها واحدا؛ لأن نيته قطعت جواز العدول إلى غيرها، فتعينت عليه، وإن كانت البدنة معدومة ففيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز الانتقال إلى البقرة، بل تكون في ذمته إلى أن يجدها؛ لأنها قد تعينت عليه بالنذر.
والثاني - وهو المنصوص -: أنه يجزئه الانتقال إلى البقرة بالقيمة؛ لأنه وإن عين البدنة فإنه يتعين عليه هدي شرعي، والهدي الشرعي له بدل.
فعلى هذا: يقابل بين قيمة البدنة وقيمة البقرة، فإن كانت قيمتهما سواء، أو كانت قيمة البقرة أكثر أخرج البقرة وأجزأه. وإن كانت قيمة البقرة أقل لزمه إخراج البقرة ولزمه أن يتصدق على المساكين بفضل قيمة البدنة على البقرة؛ لأنه ألزم نفسه أمرين مقصودين: النحر، وتفرقة اللحم، فلزمه الإتيان بأكثرهما.