أحدهما: لا ينقطع؛ لأنه أفطر بعذر، فهو كالمريض، فيكون في القضاء على هذا وجهان.
والثاني: ينقطع؛ لأن السفر كان باختياره، بخلاف المرض.
فإن نذر صوم سنة غير معينة، فإن لم يشترط فيها التتابع جاز أن يصومها متتابعا ومتفرقا، وإن صام اثني عشر شهرا بالأهلة صح، تامة كانت الشهور أو ناقصة، فإن صام شهر شوال لم يصح صومه يوم الفطر، فإن كان الشهر تاما قضى صوم يوم، وإن كان ناقصا قضى صوم يومين. فإذا جاء شهر رمضان صامه عن فرض رمضان، ولا يصح صومه فيه عن النذر؛ لأنه مستحق بالشرع، ويفطر في العيدين وأيام التشريق؛ لأنها مستحقة للفطر، ويلزمه قضاء ذلك؛ لأن فرض النذر تعلق بذمته، فانتقل فيما لم يسلم إلى بدله، كالمسلم فيه إذا رد بالعيب؛ لأنه إذا قال: صوم سنة فيمكن حمل ذلك على سنة ليس فيها شهر رمضان ولا العيدان وأيام التشريق، بخلاف ما لو قال: علي لله صوم سنة كذا فإنها لا تخلو من ذلك. ويجوز أن يقضي صوم ذلك متفرقا ومتتابعا.
وإن شرط التتابع في صومها لزمه صومها متتابعا، فإذا صام رمضان عن رمضان وأفطر في العيدين وأيام التشريق، أو أفطرت المرأة بالحيض لم ينقطع تتابعه بذلك؛ لأنه لا يمكنه صوم سنة متتابعة ليس فيها رمضان والعيدان وأيام التشريق، ولا يمكن صونها عن الحيض، ولكن يلزمه قضاء ذلك متتابعا، لأنها قضاء عن صوم متتابع. وإن أفطر بالمرض فهل ينقطع تتابعه؟ فيه قولان - على ما مضى في التي قبلها - فإذا قلنا: لا ينقطع لزمه قضاء أيام الفطر قولا واحدا؛ لما ذكرناه في رمضان وأيام التشريق. وإن أفطر بالسفر فهل ينقطع التتابع؟ يبنى أيضًا على المرض، فإن قلنا في المرض: ينقطع ففي السفر أولى. وإن قلنا في المرض: لا ينقطع ففي السفر قولان:
فإذا قلنا: لا ينقطع لزمه قضاء تلك الأيام التي يفطر فيها قولا واحدا؛ لما ذكرناه.