للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضرر بصاحب الطعام. ويجب على المضطر بذل العوض لصاحب الطعام وجها واحدا، بخلاف النجاسة؛ لأن في النجاسة لا يجب عليه ـ في أحد الوجهين ـ ليتجنب المحرم، فهذا لا يوجد هاهنا. فإن بلغ المضطر إلى حالة لا يمكنه دفع العوض ... وجب على صاحب الطعام بذل طعامه قبل الدفع؛ لأن التأخر عن ذلك يفضي إلى قتل المضطر.

وإن لم يكن مع المضطر مال.. لزمه أن يلتزم العوض بذمته.

وحكي عن بعض الناس: أنه قال: يلزم صاحب الطعام بذل الطعام له بغير عوض، كما لو رأى من يغرق أو يحترق.. فإنه يلزمه أن يخلصه من غير اشتراط عوض.

دليلنا: أن الذمة تجري مجرى المال؛ لأن التصرف ينفذ فيها، كما ينفذ في المال، ثم ثبت: أنه لو كان معه مال.. لم يلزمه البذل بغير عوض، كذلك الذمة.

وأما تخليص الغريق والمحترق: فإن أمكنه موافقته على أجرته.. لم يلزمه تخليصه إلا بعد أن يبذل شرط العوض، وإن تعذر ذلك.. وجب عليه تخليصه قبل ذلك، وكذلك في الطعام مثله.

فإن امتنع صاحب الطعام من بذله بعوض مثله.. فللمضطر أن يكابره على أخذه ويقاتله على ذلك.. فإن قتله صاحب الطعام.. وجب عليه ضمانه بالقصاص إن كان مكافئا له، أو بالدية إن كان غير مكافئ له. وإن قتله المضطر.. لم يجب عليه ضمانه بقصاص ولا دية ولا كفارة؛ لأنه قتله ليدفع عن نفسه.

وكم القدر الذي يجب على صاحب الطعام بذله، ويجوز للمضطر مكابرته عليه؟ فيه قولان:

<<  <  ج: ص:  >  >>