لما روي: «أنّ بريرة كاتبها أهلها على سبع أواق من الذهب، تؤديها إليهم في سبع سنين، فجاءت إلى عائشة أم المؤمنين - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - تستعينُها، وشكت إليها، وأظهرت العجز، فقالت لها عائشة: إن باعوك.. عددت لهم الثمن عدًّا، فمضت إلى أهلها، فأخبرتهم بذلك، فقالوا: نبيعك على أنّ الولاء لنا، فأخبرت عائشة بذلك النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال:"اشتري، واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق"، فاشترتها منهم» ولأن عتق المكاتب غير مستقر، فجاز بيعه، كالمدبر.
و [الثاني] : قال في الجديد: (لا يصح بيعه) . وبه قال مالكٌ، وأبو حنيفة وهو الصحيح؛ لأن الكتابة عقدٌ يمنع السيد من استحقاق كسب المكاتب، وأرش الجناية عليه، فمنع صحة بيعه، كما لو باعه من زيد، ثم باعه من عمرو، وفيه احترازٌ من المدبر، فإنّه يستحق كسبه، وأرش الجناية عليه.
وأمّا الخبر: فقد قيل: إن بريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عجَّزَت نفسها، وكان بيعُهم لها فسخًا لكتابتها، كما أن البائع إذا باع المبيع في مدة الخيار.. كان فسخًا للأوّل، وصحّ الثاني.
ولا يجوز بيع الموقوف، سواءٌ قلنا: إنّه ينتقل الملك فيه إلى الموقوف عليه، أو إلى الله تعالى؛ لأنّه يبطل بذلك حقُّ البطن الثاني.