وإن صح.. فمعنى قوله:"لم يره" أي: حال العقد وكان قد رآه قبل ذلك. وقيل: أراد: "إذا رآه" في أن يعقد عليه بعد الرؤية، وكذلك حديث عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، معناه: لا أبالي، لي الخيار إذا رأيتها متغيرة عما كنت رأيتها.
فأما إذا كان البائع والمشتري لم ينظرا جميعًا إلى المبيع: فاختلف أصحابنا فيه:
فمنهم من قال: فيه قولان، كالأولى. قال ابن الصباغ: وهو المشهور في المذهب؛ لأنّ حكم البائع حكم المشتري في ذلك.
ومنهم من قال: يبطل البيع هاهنا، قولاً واحدًا؛ لأن البائع إذا لم يشاهد المبيع.. فإنما يصفه عن صفة، لا عن مشاهدة، وبيع العين بصفة عن صفة لا يصح، ألا ترى أن الأعمى لا يصح بيعه لما لم يره؛ لأنه يصف المبيع عن صفة، لا عن مشاهدةٍ؟! ولأن البائع إذا كان قد شاهد المبيع، ولم يشاهده المشتري.. قل الغرر، وإذا لم يشاهده واحدٌ منهما.. كثر الغرر.
فأمّا إذا كان المشتري قد شاهد المبيع، ولم يشاهده البائع:
فمن قال في التي قبلها: إذا لم يشاهده البائع ولا المشتري، إنها على قولين.. فإنه لا يجعل لرؤية البائع تأثيرًا، فيصح البيع هاهنا، قولاً واحدًا.
ومن قال في التي قبلها: إن البيع يبطل، قولا واحدا.. جعل لرؤية البائع هاهنا تأثيرًا، فيجعل هذه على قولين.
فأمّا إذا قلنا: لا يصح بيع خيار الرؤية.. فلا تفريع عليه، وإذا قلنا: يصح.. فلا بد من ذكر الجنس والنوع، وهل يحتاج إلى ذكر غيرهما من الصفات؟ فيه ثلاثة أوجه: