وإن وطئها المشتري.. لم يجب عليه الحد؛ لأنه يعتقد أنها ملكه، ولأن في الملك اختلافًا، فإن أبا حنيفة يقول:(يملكها بالقبض) وذلك شبهة، فسقط بها الحد، فإن كانت ثيِّبًا.. وجب عليه مهر ثيب؛ لأنها موطوءة لا يملك وطأها، فسقط الحد عن الواطئ للشبهة، فوجب عليه المهر، كما لو وجد امرأةً على فراشه، فظنّها زوجته، فوطئها، فإن كانت بكرًا.. وجب عليه مهر بكر، ووجب عليه أرش الافتضاض مع المهر، فإن قيل: فكيف أوجبتم عليه المهر وقد أذن البائع بوطئها؟ ألا ترى أن الرجل إذا أذن بوطء جاريته.. لم يجب له المهر؟
فالجواب: أنه إنما أذن بوطئها على أنها ملك للمشتري، وهاهنا بان أن الجارية ملك للبائع، والوطء بالشبهة إذا صادف ملك غيره.. أوجب المهر.
فإن قيل: هلاَّ قلتم: إنه لا يجب على المشتري أرش البكارة، كما إذا تزوّج امرأةً بكرًا بنكاح فاسدٍ، فافتضّها.. فإنه لا يجب عليه أرش البكارة؟
فالجواب: أن النكاح يتضمن الإذن في الوطء؛ لأنه معقود عليه، والوطء يتضمن إتلاف البكارة، وليس كذلك البيع، فإنه ليس بمعقود على الوطء، ولهذا يجوز له شراء من لا يحل له وطؤها، ولأن الزوجة سلمت نفسها لا على وجه الضمان لبدنها، ولهذا إذا تلفت في يد الزوج.. لم يجب بالإتلاف ديتها بخلاف الأمة المبيعة؛ لأن البيع يقتضي ضمان بدنها.
فإن قيل: كيف أوجبتم أرش البكارة مع المهر، ولم يدخل الأرش في المهر؟
فالجواب: أنه إنما وجب الجمع بينهما؛ لأن أرش البكارة وجب بإتلاف ذلك الجزء، والمهر وجب بالاستمتاع، فوجب بدلُهما، ولأن أرش البكارة سبق وجوبه وجوب المهر؛ لأن الافتضاض قد يوجد قبل التقاء الختانين، والمهر لا يجب إلا بالتقائهما، فجرى مجرى من افتضّها بأصبعه، ثم وطئها، إلا أن من افتضّها بأصبعه، ثم وطئها.. يجب عليه أرش البكارة، ومهر ثيّب؛ لأنه لم يستوف اللذة المقصودة بالبكارة، وهاهنا قد وجد منه استيفاء اللذة الكاملة بإزالة البكارة، فوجب عليه مهر بكرٍ، ووجد منه إزالة ذلك الجزء، فوجب عليه بدله.