وإذا قلنا: لا تفرق الصفقة، ويبطل البيع فيهما.. فاختلف أصحابنا في تعليله:
فـ[التعليل الأول] : منهم من قال: لأن الصفقة جمعت حلالاً وحرامًا، فغلّب التحريم، كما لو باع درهمًا بدرهمين، أو تزوج بأختين.
فعلى هذا: يبطل البيع فيما يتقسّط الثمن فيه على الأجزاء، بأن باع كرين من طعام، أحدهما له، والآخر لغير، أو باع عبدًا يملك بعضه، وفيما يتقسط الثمن فيه على القيمة، بأن باع عبده وعبد غيره، وكذلك إذا رهن ماله ومال غيره، أو وهب ماله ومال غيره، أو أنكح أخته وأجنبية.. فإنه يبطل نكاح الأجنبية، أو نكح مسلمة ومجوسية، أو محلة ومحرمة بعقد.. بطل النكاح.
و [التعليل الثاني] : من أصحابنا من قال: إنما يبطل البيع فيهما لجهالة الثمن؛ لأن الثمن يقسط عليهما، فيسقط ما يقابل ما لا يجوز بيعه، ويبقى ما يقابل ما يجوز بيعه، وذلك مجهولٌ حال العقد، فأبطل العقد، كما لو قال: بعتك هذا بحصته من الثمن، أو رأس المال، أو يرفعه وهما لا يعلمان ذلك.
قلت: وهذا التعليل إنما يصح إذا قلنا: إنه يأخذ المبيع بحصته من الثمن.
فعلى هذا التعليل: لا يبطل البيع فيما يتقسط فيه الثمن على أجزاء المبيع، ولا يبطل الرهن والهبة والنكاح، وإنما يبطل فيما يتقسط الثمن فيه على القيمة.
وأما الدليل على أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - فنقول: لأن الصفقة جمعت بين ما يجوز بيعه، وبين ما لا يجوز بيعه، فصحّ فيما يجوز، كما لو باع عبده ومكاتبه، أو نقول على الآخر: فوجب أن لا يصح في الكل، كما لو باع حرًّا وعبدًا.
إذا ثبت ما ذكرناه: فإن قلنا: إن الصفقة لا تفرق.. رد المبيع، واسترجع الثمن