وقال أبو حنيفة:(يجوز بيع الرطب بالتمر على وجه الأرض كيلا، ويجوز بيع العنب بالزبيب، وبيع الحنطة الجافة بالمبلولة، وبيع كل فاكهة يابسة بالرطب منها) . ووافقه أبو يوسف، ومحمد في الحنطة المبلولة بالجافة.
دليلنا: ما روى ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن بيع الثمر بالتمر كيلا، وعن بيع الكرم بالزبيب كيلا، وعن بيع الطعام بالزرع كيلا» . والنهي يقتضي فساد المنهي عنه.
وروى سعد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: قال «سُئل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن بيع الرطب بالتمر، فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أينقص الرطب إذا يبس؟ " فقالوا: نعم، فقال:" فلا إذن "، وفي رواية: فنهى عن ذلك» .
قال الشيخ أبو حامد: ولم يسأل عن نقصانه؛ لأنه لم يعلم ذلك؛ لأن ذلك يعلم بالحس، ويشترك كل واحد بعلمه، وإنما سأل عن ذلك؛ ليبين أنه إنما منع من ذلك؛ لأجل أنه ينقص فيما بعد؛ لئلا يظن ظان أنه نهى عن ذلك لغير هذه العلة، ولأنه جنس فيه الربا بيع منه ما هو على هيئة الادخار، بما هو منه على غير هيئة