وروى أبو هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أرخص من بيع العرايا فيما دون خمسة أوسق» . وشك داود بن الحصين في الخمسة، فبقي على الحظر.
ولأن الخمسة الأوسق في حكم ما زاد، بدليل: أن الزكاة تجب فيها، كما تجب فيما زاد عليها.
والقول الثاني: يجوز؛ لما روى سهل بن أبي حثمة:«أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أرخص في العرايا» . وهذا يتناول الخمسة الأوسق وما زاد، إلا أن الدليل قد دل على أنه لا يصح فيما زاد على خمسة أوسق، فبقي في الخمسة على عموم الخبر.
فإذا قلنا بهذا: قال صاحب " التلخيص ": لو اشترى رجلٌ عشرة أوسق من رجلين بعقد.. لم يجز. ولو باع رجلٌ من رجلين عشرة أوسق بعقد.. جاز.
فمن أصحابنا من سلم له هذا التفصيل، وفرق بينهما، وهو أنه: إذا اشترى من رجلين عشرة أوسق بعقد.. فقد دخل في ملكه جملة واحدة بعقد واحد عشرة أوسق، فلم يجز. وإذا باع.. لم يخرج من ملكه إلى كل واحد منهما إلا خمسة أوسق، فصار كالمفرد.
ومنهم من لم يسلم له هذا، وقال: يصح في الجميع، وهو الأصح؛ لأن عقد الواحد مع الاثنين، بحكم العقدين من أي جانب كان. وقد ذكر الشيخ أبو حامد، وابن الصباغ ما يوافق هذا الوجه، فقالا: إذا باع رجل تسعة أوسق على رؤوس النخل من رجلين بتسعة أوسق تمرًا في عقد واحد.. جاز.
وقال أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (لا يجوز) .
دليلنا: أن بيعه من اثنين يجري مجرى العقدين المنفردين. وكذلك إن باع رجلان تسعة أوسق، من رجل بتسعة أوسق بعقد.. صح؛ لما ذكرناه. وإن باع رجل عشرة أوسق من رجلين.. فعلى القولين، فيمن باع خمسة أوسق بعقد من رجل. وإن باع