وإن كان في الدار بئر ماء.. فإن البئر وما فيها من البناء يدخل في بيع الدار بمطلق العقد.
وأما الماء الذي في البئر: فهل هو مملوكٌ؟ فيه وجهان:
أحدهما ـ وهو قول أبي إسحاق، واختيار الشيخ أبي حامد ـ: أنه غير مملوك؛ لأن من اشترى دارًا وفيها بئر ماء، فاستقى منه المشتري أيَّامًا الماء، ثم وجد في الدار عيبًا.. كان له ردُّها؛ فلو كان الماء من جملة المبيع.. لم يكن له ردُّها، ولأن من اكترى دارًا وفيها بئر ماء.. كان له أن يشرب منها ويتوضأ؛ ولو كان الماء مملوكًا.. لم يكن للمستأجر الانتفاع به؛ لأن الأعيان لا يصح أن تستباح بالإجارة، بدليل: أن من استأجر أرضًا، وفيها نخلٌ.. لم يجز له أن يأكل من ثمرتها.
فعلى هذا: لا يدخل الماء في بيع الدار، غير أن المشتري أحق بالماء لثبوت يده على الدار، وليس لأحد أن يتخطى في ملكه إلى الماء؛ لأنه لا يجوز لأحد دخول ملك غيره بغير إذنه، فإن خالف الغير، وتخطى ملكه، وأخذ من ماء البئر.. ملكه كما قلنا في الطائر إذا عشش في ملكه، أو إذا توحَّل الصيد في أرضه.. فليس لأحد أن يتخطى ملكه لأخذه، فلو خالف، وتخطى، فأخذ الطائر والصيد.. ملكه.
والوجه الثاني ـ وهو قول أبي علي بن أبي هريرة، وهو المنصوص في القديم و " حرملة " ـ: (أن الماء مملوكٌ) ؛ لأنه نماء ملكه، فكان مملوكًا له، كالحشيش والثمرة.
قال الشيخ أبو حامد: وهذا ليس بصحيح؛ لأن الماء ليس بنماءٍ للأرض، وإنما هو يجري تحت الأرض، بخلاف الحشيش والثمرة.
فإذا قلنا: إنه مملوك.. لم يدخل الماء الموجود حال العقد في البيع بالإطلاق حتى يقول: بعتك الدار والماء الظاهر الذي في البئر؛ لأنه نماء ظاهر، فهو كالطلع المؤَبَّر. فإن لم يشترط دخول الماء الظاهر في البيع.. لم يصح بيع الدار؛ لأن الماء