فأما الماء الجاري من الأنهار التي ليست بمملوكة، كدجلة والفرات والنيل والسيل الذي يجيء من الموات.. فإنه غير مملوكٍ، فلا يجوز بيعه. فإن أخذ منه إنسان شيئًا بسقاءٍ أو غيره ملكه، وجاز له أن يبيعه. وإن دخل منه شيء إلى أرض رجل.. لم يملكه بذلك، بل يكون أحق به من غيره، كما قلنا في الصيد إذا توحَّل في أرضه. فإن دخل رجلٌ إلى أرض جاره، وأخذ من هذا الماء.. فقد تعدى بدخوله إلى أرض غيره بغير إذنه، ولكنه يملك هذا الماء الذي أخذه. ويأتي على قياس هذا: ما يقع في أرضه من ماء المطر، فإنه لا يملكه ولا يصح بيعه له، وجهًا واحدًا؛ لأنه إنما يملك ماء البئر على قول أبي عليٍّ؛ لأنه نماء أرضه، وهذا ليس بنماء أرضه، وإنما هو أحق به، كما لو توحل في أرضه صيد.
إذا ثبت هذا: فروي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أنه نهى عن بيع فضل الماء» .
قال الصيمري: فحمل قومٌ ذلك على ظاهره، وأنه لا يصح بيعه على الإطلاق،