وروي عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أنه نهى عن بيع الثمرة حتى تُزهيَ) . قيل: وما تُزهي؟ قال:"تصفر» . فنص على العنب والرطب والحب، وقسنا على ذلك غيرها من الثمار، فإذا وجد بدو الصلاح في بعض نوع من جنس ولو كان بسرة واحدة أو عنبة واحدة.. جاز بيع جميع ما في ذلك الحائط من ذلك النوع تبعا لما بدا فيه الصلاح منه.
ولأنا لو قلنا: لا يجوز إلا بيع ما بدا فيه الصلاح من ذلك النوع.. لأدى إلى الضرر بسوء المشاركة، واختلاف الأيدي، وهل يجوز بيع ما لم يبدُ فيه الصلاح من نوع آخر من ذلك الجنس في ذلك الحائط معه؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجوز؛ لأن الأنواع من جنس يضم بعضها إلى بعض في إكمال النصاب في الزكاة، فكذلك في البيع.
والثاني: لا يجوز؛ لأن النوعين يتباعد إدراكهما، بخلاف النوع الواحد، وقد نص الشافعي في " البويطي ": (إذا كان أحدهما صيفيًّا والآخر شتويًّا.. لا يتبع أحدهما الآخر) . فكذلك هذا مثله. وإن أفرد ما لم يبد فيه الصلاح من ذلك الجنس في ذلك الحائط بالبيع من غير شرط القطع.. فهل يصح؟ فيه وجهان، ذكرناهما في التأبير.
ولا يجوز أن يبيع ما لم يبد فيه الصلاح من ذلك الجنس في حائط آخر، ولا ما لم يبد فيه الصلاح من جنس آخر في ذلك الحائط. هذا مذهبنا، وبه قال أحمد.
وقال الليث:(إذا بدا الصلاح في بعض الثمار.. كان بدوًّا للصلاح في جميع الثمار) .
وقال مالك:(إذا بدا الصلاح في جنس.. كان ذلك بدوًّا للصلاح في ذلك الجنس كله في ذلك البلد، فيجوز بيعه) .
دليلنا على الليث: ما روي: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن بيع العنب حتى يسود، وعن بيع الحب حتى يشتد» . فاعتبر كل واحد بنفسه.