لأنه كان موجودًا في الضرع يوم البيع. وإن اشتراها وهي غير مصراةٍ، ثم وجد بها عيبًا، فإن كانت حين الشراء محلوبة لا لبن فيها.. كان له ردُّها؛ لأن ما حدث من اللبن في ملكه، لم يدخل في البيع، فلا يمنعه إتلافه من ردها. وإن كان فيها لبن حين الشراء، وقد أتلفه.. ففيه وجهان:
أحدهما ـ وهو المنصوص للشافعي في القديم ـ:(أنه يردها؛ لأجل العيب، ولا يرد بدل اللبن) . وفرق الشافعي بين هذه وبين المصراة: أن لبن المصراة قد تحقق وجوده حال العقد، فيتناوله العقد، ويقسط عليه الثمن، وغير المصراة لا يتحقق وجوده حال العقد. ومن أصحابنا من فرق بينهما بفرق آخر: وهو أن لبن المصراة مقصود بالابتياع، وقابله قسط من الثمن، فوجب رد بدله، ولبن غير المصراة يسير غير مقصود، فلم يتقسط عليه الثمن، ولم يجب عليه رد بدله.
والوجه الثاني: أنه لا يرد بالعيب، وهو اختيار عامة أصحابنا؛ لأنه قد أتلف بعض المبيع، فلم يثبت له الرد، وتأولوا النص عليه إذا باعها وهي محلوبة لا لبن فيها وقت العقد.
فإذا قلنا بهذا: وكان ما حلب من اللبن باقيا.. ففيه وجهان، حكاهما ابن الصباغ:
أحدهما: يردها، ويرد اللبن؛ لأن المبيعين موجودان.
والثاني: لا يثبت له الرد، إلا أن يرضى البائع؛ لأن اللبن قد نقص بالحلب، ونقص المبيع في يد المشتري يمنع من الرد، ويثبت له الأرش.