وإن كان الرجل جنبًا غير محدثٍ.. فإنه يجب عليه غسل جميع بدنه مرةً واحدةً من غير ترتيب، ويستبيح به ما يستبيح بالوضوء. وإن كان الرجل جنبًا محدثًا، بأن يولج ذكره في فرجها من غير حائل، أو ينام مضطجعًا فيحتلم، وما أشبه ذلك.. فقد وجب عليه الوضوء والغسل، وفيما يجزئه من ذلك من خمسة أوجهٍ:
أحدها ـ وهو المنصوص عليه ـ:(أنه إذا اغتسل بنية الجنابة، وأمر الماء على أعضاء الطهارة مرّةً واحدة من غير ترتيبٍ.. أجزأه عنهما) ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا}[النساء: ٤٣][النساء: ٤٣] . ولم يفرّق؛ ولأنهما طهارتان فتداخلتا، كغسل الجنابة والحيض.
والوجه الثاني: يجب عليه الوضوء مرتبًا والغسل؛ لأنهما حقان مختلفان، يجبان بسببين مختلفين، فلم يدخل أحدهما في الآخر، كحد الزنا والسرقة.
فعلى هذا: يجب عليه إمرار الماء على أعضاء الطهارة مرتين، ويجب عليه الترتيب في أعضاء الطهارة، ويحتمل: أن تجب عليه نيّة الوضوء مع نيّة الجنابة. ولا فرق بين أن يتوضأ أولا ثمّ يغتسل، أو يغتسل أولا ثمّ يتوضأ.
والثالث: يجب عليه الوضوء مرتبًا، ويجب عليه غسل سائر بدنه؛ لأنهما متفقان في الغسل مختلفان في الترتيب، فتداخلا فيما اتفقا فيه.
فعلى هذا: يجزئه إمرار الماء على أعضاء الطهارة مرّة واحدة لهما، ويحتمل: أن تجزئه نيّة الجنابة عن نيّة الوضوء، على هذا.
والرابع: أنه يقتصر على غسل واحد، ولا يجب عليه الترتيب؛ إلاّ أنه يجب عليه أن ينويهما، كما نقول فيمن جمع بين الحج والعمرة.
والخامس ـ حكاه في " الفروع " ـ: إن أحدث ثمّ أجنب، فعليه الوضوء والغسل. وإن أجنب ثمّ أحدث، كفاه الغسل.