الأصل سلامة البيع الأول من العيب. وإن علم المشتري بالعيب عند البيع الأول، ثم عقد البيع الثاني، ثم ظهر على عيب آخر كان موجودًا قبل البيع الأول لم يعلم به.. فهو بالخيار: بين أن يمسك جميع السلعة، وبين أن يرد جميعها، وبين أن يرد إحدى الصفقتين دون الأخرى؛ لأجل العيب الذي لم يعلمه.
وإن اشترى رجل من رجل عبدين بعقد، فوجد بأحدهما عيبًا، فإن اختار المشتري أن يردهما جميعًا.. أجبر البائع على قبولهما. وإن أراد المشتري أن يرد المعيب لا غير، فإن رضي البائع بذلك.. جاز؛ لأن الحق لهما. وإن امتنع البائع من قبول المعيب.. ففيه قولان، بناء على القولين في تفريق الصفقة:
فإن قلنا: إن الصفقة تفرق.. رد المعيب، وأمسك السليم، وأجبر البائع على ذلك.
وإن قلنا: لا تفرق الصفقة.. لم يكن للمشتري ذلك، وليس له أن يطالب بالأرش؛ لأنه يمكنه رد الجميع. هكذا ذكر عامة أصحابنا، من غير تفصيل.
وذكر الشيخ أبو حامد: إن كان ذلك قبل القبض.. لم يجز أن يرد المعيب وحده بلا خلاف. وإن كان بعد القبض.. لم يجز أيضا عندنا.
وقال أبو حنيفة:(له رد المعيب، وإمساك السليم، ولو أراد ردّه.. لم يجز، إلا أن يكون المبيع مكيلا، أو موزونًا مما تتساوى أجزاؤه، كالطعام والتمر، فله أن يرد الكل، أو يمسك الكل، فأما أن يرد المعيب دون السليم: فليس له) .
دليلنا: أن في رد المعيب تفريقًا للصفقة على البائع، فلم يجبر على ذلك، كما لو كان قبل القبض.
قال الشيخ أبو حامد: وإنما مسألة القولين، إذا اشترى عبدين، فوجد بهما عيبًا، فمات أحدهما قبل الرد.. فهل له أن يرد الباقي؟ فإن قلنا: لا تفرق الصفقة.. لم يكن