يحضر المال؛ لأن عليه مشقة في ذلك، بل يثبت له الخيار في فسخ البيع، فإن فسخ البيع.. استرجع السلعة. وإن اختار أن يصبر إلى أن يحضر.. حجر الحاكم على المشتري في المبيع وفي سائر أمواله إلى أن يحضر الثمن؛ لئلا يتصرف في ماله بما يضر بالبائع.
وإن كان بينه وبين ماله مسافةٌ لا تقصر في مثلها الصلاة.. ففيه وجهان:
أحدهما: حكمها حكم ما لو كان في مسافة تقصر في مثلها الصلاة.. فيثبت للبائع الخيار في فسخ البيع؛ لأنه يخاف الهلاك على مال المشتري فيما قرب، كما يخاف عليه فيما بعد.
والثاني: حكمها حكم ما لو كان ماله في داره أو دكّانه.. فلا يثبت للبائع الخيار في فسخ البيع؛ لأنه في حكم الحاضر، ولكن يحجر على المشتري في المبيع وفي سائر أمواله إلى أن يحضر الثمن.
وإن كان المشتري معسرًا بالثمن.. ففيه وجهان:
[أحدهما]ـ المنصوص للشافعي ـ: (أن البائع بالخيار: بين أن يفسخ البيع، ويرجع إلى السلعة، فيأخذها، وبين أن يصبر بالثمن، ويقر البيع) ؛ لأنه تعذّر عليه الثمن بالإعسار، فثبت له الخيار في فسخ البيع، كالمفلس.
و [الثاني] : من أصحابنا من قال: لا يثبت له فسخ البيع، بل تباع السلعة، فإن كان ثمنها وفق حقّه.. سُلِّم إليه، وإن كان أكثر.. كانت الزيادة للمشتري؛ لأنه يمكن إيفاء حقِّه بذلك، وإن اشترى سعلة بثمن معين.. ففيه قولان:
أحدهما: لا يجبر واحدٌ منهما، بل يقال: أيُّكما تطوّع بتسليم ما عليه.. أجبر الآخر.
والثاني: يجبرهما الحاكم جميعًا، ويجوز البداية بمن شاء منهما، ووجههما ما تقدم، ويسقط القول الثالث: أنه يجبر البائع أوّلاً؛ لأن حق كل واحد منهما هاهنا متعلق بالعين.