يلزمه عليه مؤنة، كالحنطة والقطن.. لم يلزمه قبوله؛ لأن عليه ضررًا في المؤنة في حفظه إلى وقت المحل.
فإن كان لا يحتاج إلى مؤنة في حفظه، كالحديد الرصاص والنحاس الذي يستعمل، فإن كان الوقت مخوفًا..لم يلزمه قبوله؛ لأنه يخاف عليه التلف إلى وقت المحل. وإن كان الوقت آمنًا.. لزمه قبوله؛ لأنه لا ضرر عليه في قبوله. فإن لم يقبله.. قبله الحاكم وحفظه؛ لما رُوي:(أن أنس بن مالك كاتب عبدًا له على مال، فجاءه العبد بالمال قبل المحل، فلم يقبله منه أنس، فأتى به العبد عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فأخذ المال منه، وتركه في بيت المال، وقال للعبد: قد عتقت) .
وإن سأل المسلِم المسلَم إليه: أن يقدِّم له المسلَم فيه قبل المحل.. لم يلزم المسلَم إليه تقديمه؛ لأن ذلك يبطل فائدة التأجيل.
وإن قال المسلم إليه: انتقص لي من الدين؛ لأقدمه لك، ففعل.. لم يصح القبض؛ لأنه بيع أجل، والأجل لا يفرد بالبيع.
فإن جاء المسلم إليه المسلم بالمسلم فيه، بعد حلول الدين على صفته، فامتنع المسلم من قبضه.. قال له الحاكم: إما أن تقبضه، أو تبرِّئ المسلم إليه منه. وسواء كان للمسلم غرض في الامتناع أو لا غرض له؛ لأن للمسلم إليه غرضًا في الدفع، وهو أن يبرأ مما عليه من الحق، وقد حل الحق. وإن لم يفعل المسلم ذلك.. قبضه الحاكم عنه، وبريء المسلم إليه؛ لأن الحاكم ينوب عن الممتنع، ولا يملك الحاكم الإبراء؛ لأنه لا نظر للمسلم في الإبراء عنه، وله حظٌّ في حفظ ماله.