وأما إذا كان التراب غير ناعمٍ.. فإنه يضرب ويفرق بين أصابعه؛ لأنه لا يعلق الغبار بكفيه إلا بالضرب.
وقال المسعودي [في " الإبانة " ق\٣٥] : لا يفرق بين أصابعه في الضربة الأولى؛ لئلا يحصل التراب بين أصابعه في الأولى، فيكون ماسحًا لجزء من يديه قبل وجهه.
قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (فإن حصل على كفّيه تراب كثير.. نفخ التراب؛ ليخففه من على يديه، ويبقي عليهما أثره) ؛ لما «روى أسلع، قال: قلت: يا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنا جنب، فنزلت آية التيمّم، فقال:"يكفيك هكذا": (فضرب بكفيه الأرض، ثمّ نفضهما، ثمّ مسح بهما وجهه، ثمّ أمرهما على اللحية، ثمّ أعادهما إلى الأرض، فمسح بهما الأرض، ثمّ دلك إحداهما بالأخرى، ثمّ مسح ذراعيه: ظاهرهما وباطنهما» .
وإنما نفضهما؛ لأنه علق بهما غبار أكثر مما يحتاج إليه فخففهما، ثمّ يمسح بيديه على وجهه الذي وصفناه في الوضوء، ويمرهما، على ظاهر شعر الوجه.
وهل يجب عليه إيصال التراب إلى باطن الشعر في الوجه الذي يجب إيصال الماء إليه في الوضوء؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجب عليه ذلك، كما قلنا في الوضوء.
والثاني: لا يجب عليه، وهو المذهب؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وصف التيمّم، ومسح وجهه بضربة، وبذلك لا يصل التراب إلى باطن شعر الشارب، والعذار، والعنفقة وإن كان خفيفا. ويخالف الوضوء؛ لأنه لا مشقة عليه في إيصال الماء إلى باطن هذه الشعور، فوجب، وعليه مشقة في إيصال التراب إلى باطنها، فلم يجب.