وهو يراه أو يعلم به.. فإن القبض فيه هو مضي مدة، لو قبضه فيها.. أمكنه. وإن كان الرهن في صندوق وهو في البيت، ويتحقق كونه فيه.. فقبضه أن تمضي مدة، لو أراد أن يقوم إلى الصندوق ويقبضه.. أمكنه. وإن كان الرهن غائبا عن المجلس، بأن يكون في البيت والمرتهن في المسجد أو السوق.. فنقل المزني عن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (أنه لا يصير مقبوضا حتى يصير المرتهن إلى منزله، والرهن فيه) .
فقال أبو إسحاق: هذا فيما يزول بنفسه، مثل العبد والبهيمة، وأما ما لا يزول بنفسه، كالثوب، والدار.. فلا يحتاج إلى أن يصير إلى منزله، بل يكفي أن يأتي عليه زمان يمكنه القبض فيه.
قال القاضي أبو الطيب: وقد نص الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - على مثل ذلك في " الأم "[٣/١٢٥] ؛ لأن ما يزول بنفسه لا يعلم مكانه، فلا يمكن تقدير زمان يمكن فيه القبض، وما لا يزول بنفسه، فالظاهر بقاؤه في مكانه.
وأما الشيخ أبو حامد: فقال: غلط أبو إسحاق، فقد نص الشافعي في " الأم " على: (أنه لا فرق بين الحيوان وغيره) ؛ لأنه يجوز أن يحدث على غير الحيوان التلف من سرقة أو حريق أو غرق، فهو بمنزلة الحيوان.
وحكى في " المهذب ": أن من أصحابنا من قال: إن أخبره ثقة: بأنه باق على صفته، ومضى زمان يتأتى فيه القبض.. صار مقبوضا، كما لو رآه وكيله، ومضى زمان يتأتى فيه القبض. وليس بشيء؛ لأنه يجوز أن يكون قد تلف بعد رؤية الثقة.
قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -[في " الأم "(٣/١٢٥) ] : (ولا يكون القبض إلا ما حضره المرتهن، أو وكيله) .
قال أصحابنا: وهذا الكلام يحتمل تأويلين:
أحدهما: أن هذه مسألة مبتدأة، أي: أن القبض لا يحصل في الرهن إلا أن يقبضه المرتهن أو وكيله. فقصد بهذا بيان جواز الوكالة في القبض؛ لأن القبض هو نقله من يد الراهن إلى يد المرتهن، وهذا لا يوجد إلا بحضور المرتهن، أو وكيله. وقد فرع الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - على هذا في " الأم "[٣/١٢٤] : (أن المرتهن لو وكل