دليلنا: أن العدل وكيل للراهن في البيع، والثمن ملكه، فكان من ضمانه، كالموكل في غير الرهن.
فإن تلف الثمن في يده، وخرج المبيع مستحقا، فعلى من يرجع المشتري؟ ينظر في العدل:
فإن أطلق البيع، ولم يذكر: أنه يبيع على الراهن.. رجع المشتري على العدل؛ لأن الظاهر أنه باع مال نفسه، فلزمه الضمان بحكم الظاهر.
وإن ذكر حال البيع: أنه يبيع على الراهن، أو صدقه المشتري على ذلك فإن المشتري يرجع بالعهدة على الراهن دون العدل؛ لأن العقد له.
وإن قبض العدل الثمن، وسلمه إلى المرتهن، ثم وجد المشتري بالرهن عيبا، فإن أقام البينة على العيب، بأن لم يذكر العدل: أنه يبيع للراهن.. فإن المشتري يرجع بالثمن على العدل، ويرجع العدل على الراهن؛ لأنه وكيله، ولا يسترجع الثمن من المرتهن؛ لأن الرهن لما بيع.. حصل ثمنه للراهن وملكه، فإذا دفع إلى المرتهن.. فقد قضى دينه بملكه، فزال ملك الراهن عنه. فإن لم يكن للعدل ولا للراهن مال غير الرهن.. بيع، وقضي حق المشتري من ثمنه، وما بقي.. كان للمشتري دينا على العدل، وللعدل على الراهن.
فإن لم يكن مع المشتري بينة بالعيب، فإن كان العيب مما لا يمكن حدوثه عند المشتري.. فهو كما لو قامت البينة أنه كان موجودا به وقت البيع. وإن كان مما يمكن حدوثه عند المشتري، فإن صدقه العدل والراهن أنه كان موجودا به وقت البيع.. فهو كما لو قامت البينة أنه كان موجودا وقت البيع، فالحكم فيه كما ذكرناه. وإن كذباه.. حلف له العدل: لقد باعه إياه بريئا من هذا العيب، فإن لم يحلف، ونكل، فحلف المشتري.. رجع على العدل بالثمن، ولا يرجع العدل بالثمن على الراهن؛ لأنه كان يمكنه أن يحلف. وإن كان العدل قد قال وقت البيع: إنه يبيع للراهن.. رجع المشتري على الراهن دون العدل.