خذوا ما وجدتم، ما لكم غيره» وهذا نص. ولأن كل من لا مطالبة له عليه.. لم تجز ملازمته، كما لو كان الدين مؤجلا.
وإن كان من عليه الدين يحسن صنعة.. لم يجبر على الاكتساب بها ليحصل ما يقضي به الدين، بل إن اكتسب، وحصل معه مال يفضل عن نفقته ونفقة من تلزمه نفقته.. قضى به الدين، وبه قال مالك، وأبو حنيفة، وعامة أهل العلم.
وقال أحمد، وإسحاق:(يجبر على الاكتساب لقضاء الدين) . وبه قال عمر بن عبد العزيز - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وعبيد الله بن الحسن العنبري، وسوار القاضي. دليلنا: الخبر في الرجل الذي ابتاع الثمرة، فأمر النبيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غرماءه أن يأخذوا ما معه، وقال:«خذوا ما وجدتم، ما لكم غيره» . ولم يأمره بالاكتساب لهم، ولأن هذا إجبار على الاكتساب، فلم يجب ذلك، كما لا يجبر على قبول الهبة والوصية، وكذلك: لو تزوج امرأة بمهر كثير.. لم يجبر على طلاقها قبل الدخول ليرجع إليه نصفه.
فإن كان موسرا.. جازت مطالبته؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}[البقرة: ٢٨٠][البقرة: ٢٨٠] . فأوجب إنظار المعسر، فدل على: أن الموسر لا يجب إنظاره، فإن لم يقضه.. أمره الحاكم بالقضاء، فإن لم يفعل، فإن كان له مال ظاهر.. باع الحاكم عليه ماله، وقضى الغريم، وإن قضى الحاكم الغريم شيئا من مال من عليه الدين.. جاز، وبه قال مالك، وأبو يوسف، ومحمد.