لأن كل أحد يدرك التلف، فإن طلب الغريم يمينه مع ذلك.. لم يحلف؛ لأن في ذلك تكذيبا للشهود. وإن أراد أن يقيم البينة على الإعسار.. لم يقبل إذا لم يكونا من أهل الخبرة الباطنة بحاله؛ لأن ملكه على المال قد ثبت، فلا يقبل على الإعسار شهادة من لم يكن من أهل الخبرة الباطنة بحاله، وإن كانت البينة من أهل الخبرة الباطنة بأمره.. سمعت.
وقال مالك رحمة الله عليه:(لا تسمع؛ لأنها شهادة على النفي، فلم تقبل) .
دليلنا: ما روي: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لقبيصة بن المخارق - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: "لا تحل المسألة إلا لثلاثة: رجل تحمل بحمالة، فحلت له المسألة حتى يؤديها، ثم يمسك، ورجل أصابته فاقة وحاجة حتى شهد أو تكلم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه أن به حاجة، فحلت له المسألة حتى يصيب سدادا من عيش أو قواما» .
وما ذكروه من أنها شهادة على النفي، غير صحيح؛ لأنها وإن كانت تتضمن النفي، فهي تثبت حالا يظهر، ويقف عليها الشاهد، كما لو شهد أن لا وارث له غير هذا.
إذا ثبت هذا: فإن البينة تسمع في الحال، ويخلى.
وقال أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (لا تسمع في الحال، ويحبس من عليه الدين شهرين) في رواية (الأصول) .
وقال الطحاوي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يحبس شهرا، وروي: ثلاثة أشهر، وروي: أربعة أشهر، حتى يغلب على ظن الحاكم أنه لو كان له مال لأظهره. وهذا ليس بصحيح؛ لأن كل بينة جاز سماعها بعد مدة.. جاز سماعها في الحال، كسائر البينات، وكم