قال: إذا تبايع رجلان، وبينهما خيار الثلاث، أو خيار المجلس، ثم حجر عليهما، أو على أحدهما بالإفلاس قبل انقضاء الخيار.
ومعنى قول الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (ففلسا) أي: حجر عليهما، وحكم عليهما بالإفلاس. وقد اختلف أصحابنا في هذه المسألة على طرق:
فمنهم من حملها على ظاهرها، وقال: لكل واحد منهما أن يفسخ البيع، وله أن يجيز، سواء كان الحظ فيما فعله من ذلك، أو في غيره؛ لأن الحجر إنما يمنع تصرفه في المستقبل لا فيما مضى، ولأن المفلس لا يجبر على الاكتساب، فلو قلنا: يلزمه أن يفعل ما فيه الحظ.. لألزمناه الاكتساب.
وقال أبو إسحاق: إن كان الحظ في الفسخ.. لزمه أن يفسخ، وإن أجاز.. لم تصح إجازته، وإن كان الحظ في الإجازة.. لزمه أن يجيز، وإن فسخ.. لم يصح الفسخ؛ لأن الحجر يقتضي طلب الحظ، فلم يفعل إلا ما فيه الحظ، كما لو باع بشرط الخيار، ثم جن، فإن الولي لا يفعل إلا ما فيه الحظ. وتأول كلام الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - على هذا.
ومنهم من قال: يبنى ذلك على وقت انتقال الملك إلى المشتري، وتصورها في البائع إذا باع بشرط الخيار، وأفلس البائع، فإن قلنا: إن الملك انتقل إلى المشتري بنفس العقد.. فللبائع أن يجيز البيع وإن كان الحظ في الفسخ، وله أن يفسخ وإن كان الحظ في الإجازة.
وإن قلنا: إن البيع لا ينتقل إلا بشرطين، أو قلنا: إنه موقوف.. فليس له أن يفعل إلا ما فيه الحظ على القولين.
قال ابن الصباغ: والطريقة الأولى أسد عند أصحابنا؛ لأن التصرف من المحجور عليه لا تنفذ، سواء كان فيه الحظ، أو لم يكن.
وذكر الشيخ أبو حامد في " التعليق " طريقة رابعة، وقال: الصحيح عندي: أنه لا يملك فسخ العقد، ولا إجازته بعد الحجر عليه بكل حال؛ لأن عندنا ينقطع تصرفه بالحجر عليه، بدلالة أنه إذا باع شيئا، ثم حجر عليه قبل قبض الثمن.. لم يكن له