المشتري أن العين التي اشتراها ملكه، وأقام على ذلك بينة.. أخذها من يد المشتري، فإن كان الثمن باقيا في يد العدل.. رجع به المشتري، وإن كان المال قد تلف في يد العدل بغير تفريط.. رجع المشتري بالعهدة في مال المفلس، ووافقنا أبو حنيفة في هذا، وخالفنا في العدل - إذا تلف الرهن في يده، وفي الوكيل والوصي إذا تلف المال في أيديهم بغير تفريط -: (أن الضمان يجب عليهم) . فنقيس تلك المسائل على هذه، ونقول: لأنه باع مال الغير، فإذا تلف في يده من غير تفريط.. لم يضمن، قياسا على أمين الحاكم في مال المفلس. وهل يقدم المشتري على سائر الغرماء، أو يكون أسوتهم؟
نقل المزني:(أنه يقدم عليهم) . ونقل الربيع:(أنه يكون أسوة لهم) .
واختلف أصحابنا فيه على طريقين:
فمنهم من قال: في المسألة قولان:
أحدها: أنه يقدم عليهم؛ لأن في ذلك مصلحة لمال المفلس؛ لأن المشترين إذا علموا أنهم يقدمون في الثمن إذا كان استحق ما اشتروه.. رغبوا في الشراء، فكثر المشترون، وزادت الأثمان، وإذا علموا أنهم لا يقدمون.. تجنبوا الشراء خوفا من الاستحقاق، فتقل الأثمان.
والثاني: لا يقدم، بل يكون أسوة الغرماء؛ لأنه حق تعلق بذمة المفلس بغير اختيار من له الحق، فكان أسوة الغرماء، كما لو جنى على رجل.
ومنهم من قال: هي على حالين:
فالموضع الذي قال:(يقدم على الغرماء) أراد به: إذا لم يكن الغرماء اقتسموا المال.
والموضع الذي قال:(يكون أسوتهم) أراد به: إذا كان بعد القسمة في حجر ثان، مثل: أن قسم المال بين الغرماء، ثم استحق شيء من أعيان ماله، ثم حجر عليه ثانيا.. فإن المشتري يكون أسوة الغرماء؛ لأن حقه ثبت في ذمته قبل الحجر، كسائر الغرماء. هكذا ذكر الشيخ أبو حامد هذا التفصيل على هذا الطريق.