فإن اتفق الغرماء والمفلس والبائع على بيع الأرض والغراس والبناء.. بيعا، وقسم الثمن عليهما على قدر قيمتهما، وكيفية ذلك: أن يقال: كم قيمة الأرض مفردة ذات غراس وبناء؟ فإن قيل: خمسون.. قيل: وكم قيمة الغراس والبناء مفردا؟ فإن قيل: خمسون.. كان الثمن نصفين، لبائع الأرض النصف، وللغرماء وللمفلس النصف، وإنما قومت الأرض ذات بناء وغراس، لأن قيمتها أنقص، وقد استحق الرجوع فيها ناقصة.
وإن امتنع البائع من بيع الأرض.. ففيه قولان:
أحدهما: يجبر على بيعها مع الغراس والبناء، ويقسم الثمن عليهما على قدر قيمتهما، على ما ذكرناه من التقسيط؛ لأن الحاجة تدعو إلى البيع لقضاء الدين، فبيع الجميع، كما لو كان المبيع ثوبا، فصبغه المفلس بصبغ من عنده، فرجع بائع الثوب فيه، وامتنع من دفع قيمة الصبغ.. فإن الثوب يباع مع الصبغ، وكذلك إذا كان المبيع جارية، فولدت في يد المشتري، ورجع بائع الجارية فيها.. فإنها تباع مع الولد.
والثاني: لا يجبر البائع على بيع أرضه، وهو المشهور؛ لأنه يمكن إفراد الغراس والبناء بالبيع، فلم يجبر البائع على بيع أرضه، بخلاف الصبغ، فإنه لا يمكن إفراده بالبيع، وكذلك ولد الجارية إنما وجب بيعه؛ لأنه لا يجوز التفريق بينها وبين ولدها الصغير.
وحكى الشيخ أبو حامد: أن من أصحابنا من قال: تؤجر الأرض والغراس، ثم يكون ما قابل الأرض من الأجرة لبائعها، وما قابل الشجر من الأجرة للمفلس والغرماء.
قال الشيخ أبو حامد: وهذا خطأ؛ لأن إجارة الشجر لا تجوز، ولهذا لو غصب شجرة، وأقامت في يده.. لم يجب عليه أجرتها.