فإن قلنا: إن من وجد من الماء ما لا يكفيه، لا يلزمه استعماله.. فتيممه باق بحاله.
وإن قلنا يلزمه استعماله.. بطل تيممه.
وإن أجنب ولم يجد الماء، فتيمم وصلى به فريضة، ثم أحدث.. لم يجز له: أن يصلي فريضة ولا نافلة. فإن وجد من الماء ما لا يكفيه لغسل جميع بدنه، ولكن يكفيه لأعضاء الوضوء: فإن قلنا: يلزمه استعماله لو وجده للجنابة.. بطل تيممه؛ لوجوده، ولم يجز له أن يصلي بالتيمم الأول نافلة، ولا فريضة، بل يجب عليه أن يستعمله، ثم يتيمم.
وإن قلنا: لا يجب عليه استعماله للجنابة.. فإن أبا عباس بن سريج قال: إن توضأ به.. ارتفع حدثه، وجاز له أن يصلي به النافلة دون الفريضة؛ لأن التيمم الذي ناب عن غسل الجنابة أباح له فريضة واحدة، وما شاء من النوافل، فلما أحدث.. حرم عليه أن يصلي النوافل. فإذا توضأ.. ارتفع تحريم النوافل فاستباحها، ولم يستبح الفريضة؛ لأن هذا الوضوء لا ينوب عن الجنابة، وهذا وضوء تستباح به النافلة دون الفريضة.
وإن أراد أن يتيمم للفريضة الثانية بعد دخول وقتها.. صح تيممه لها، واستباح به الفريضة، ويستبيح به النافلة أيضا؛ لأنه إذا استباح به الفريضة.. فلأن يستبيح به النافلة أولى.
وإن أراد أن يتيمم للنافلة.. ففيه وجهان، حكاهما ابن الصباغ:
[أحدهما] : من أصحابنا من قال: يصح؛ لأنه يصح أن يتيمم به للفريضة، ويستبيح به النافلة، فصح تيممه للنافلة مفردة.
و [الثاني] : قال القاضي أبو الطيب: لا يصح تيممه للنافلة؛ لأنه يقدر على الوضوء لها، فلا يستبيحها بالتيمم. ويفارق الفريضة؛ لأنه لا يقدر على استباحتها بالوضوء؛ ولأن تيممه للفريضة ينوب عن الجنابة، فاستباح به النافلة، وتيممه للنافلة ينوب عن الوضوء، فلم يصح مع قدرته على الوضوء.