الصلح؛ لأن الاعتبار بالمتعاقدين، وقد اتفقا على ما يجوز العقد عليه، فإذا صالحه.. ملك المدعي ما يأخذه، وانقطع حقه من العين، وهل يملك المدعى عليه العين المدعى بها؟ ينظر فيه:
فإن كان قد وكل الأجنبي.. ملك العين، وإن كان الأجنبي قد دفع العوض من مال نفسه بإذن المدعى عليه.. رجع عليه، وإن دفع بغير إذنه.. لم يرجع عليه؛ لأنه متطوع؛ لأنه إنما أذن له في العقد دون الدفع.
وإن كان المدعى عليه لم يوكل الأجنبي في الصلح.. فهل يملك العين؟ فيه وجهان:
[أحدهما]- المنصوص -: (أنه لا يملكها) .
و [الثاني] : حكى أبو علي في " الإفصاح ": أنه يملكها، كما قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (إذا اشترى رجل أرضا وبناها مسجدا، وجاء رجل، فادعاها، فإن صدقه.. لزمه قيمتها، وإن كذبه، فجاء رجل من جيران المسجد، فصالحه.. صح الصلح؛ لأنه بذل مالا على وجه البر) . وهذا ليس بصحيح؛ لأنه لا يجوز أن يملك غيره بغير ولاية، ولا وكالة.
فعلى هذا: يكون الصلح باطلا في الباطن، صحيحا في الظاهر.
وأما المسألة المذكورة في المسجد: فلا تشبه هذه؛ لأن الواجب على المدعى عليه القيمة؛ لأنه قد وقفها، ويجوز الصلح عما في ذمة غيره بغير إذنه.
وإن قال الأجنبي للمدعي: المدعى عليه منكر ذلك، ولكن صالحني عما ادعيت لتكون العين له.. فهل يصح الصلح؟ قال المسعودي ["في الإبانة " ق \ ٢٧٨] : فيه وجهان.