للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: أنه محمول على الاستحباب.

والثاني: أن معناه: إذا أراد الرجل أن يضع خشبه على جدار نفسه لإخراج روشن أو جناح إلى شارع نافذ، فليس لجاره المحاذي له أن يمنعه من ذلك؛ لأنه قال: " لا يمنع أحدكم جاره أن يضع خشبه على جداره ". فالكناية ترجع إلى أقرب مذكور، وهو الجار.

فإذا قلنا بالأول، وأراد الجار أن يصالحه بمال يأخذه.. لم يكن له ذلك؛ لأن ما وجب عليه بذله.. لم يجز له أن يأخذ عنه عوضا.

وإن قلنا بالثاني، وأراد الصلح على ذلك بعوض.. جاز، كما قلنا في الساباط.

فأما إذا أراد أن يبني على الحائط، أو يضع عليه خشبا تضر به ضررا بينا، أو له جدار آخر يمكنه أن يسقف عليه.. لم يجبر الجار، قولا واحدا.

فإذا قلنا بقوله الجديد، فأعاره صاحب الحائط الحائط، فوضع الخشب عليه.. لم يكن لصاحب الحائط أن يطالبه بقلعه؛ لأن إذنه يقتضي البقاء على التأبيد، فإن قلع المستعير خشبه، أو سقطت.. فهل له أن يعيد مثلها؟ فيه وجهان:

أحدهما: له ذلك؛ لأنه قد استحق دوام بقائها.

والثاني: ليس له أن يعيد مثلها بغير إذن مالك الحائط، وهو الصحيح؛ لأن السقف إذا سقط.. فلا ضرر على المستعير في الرجوع.

وإن أراد صاحب الحائط هدم حائطه، فإن لم يكن مستهدما.. لم يكن له ذلك؛ لأن المستعير قد استحق تبقية خشبه عليه، وإن كان مستهدما.. فله ذلك، وعلى صاحب الخشب نقلها، فإذا أعاد صاحب الحائط حائطه، فإن بناه بآلة أخرى.. لم يكن لصاحب الخشب إعادة خشبه بغير إذن؛ لأن هذا الحائط غير الأول، وإن بناه بآلته الأولى.. فهل له أن يعيد خشبه بغير إذن؟ على الوجهين الأولين.

فإن صالحه بمال ليضع أخشابه على جدار جاره - في قوله الجديد - أو قلنا: يجبر الجار على تمكينه من وضعها - على القديم - فصالح صاحب الجدار مالك الخشب ليضع على جداره الخشب.. صح الصلح؛ لأن ما صح بيعه.. صح انتفاعه، كسائر الأموال.

<<  <  ج: ص:  >  >>