وقال محمد، وأبو يوسف: يرجع إليه في هذين الحالين، وفي حالة ثالثة: إذا أفلس المحال عليه وحجر عليه.
وقال الحكم: يرجع إليه في حالة واحدة: إذا مات المحال عليه مفلسا. وأيس من الوصول إلى حقه.
دليلنا: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مطل الغني ظلم، وإذا أتبع أحدكم على مليء.. فليتبع» .
قال الشافعي:(فلما ندب المحتال إلى اتباع المحال عليه، بشرط أن يكون المحال عليه مليئا.. علم أن الحق يتحول عن المحيل إلى ذمة المحال عليه تحولا يمنع المحتال من الرجوع إلى المحيل، إذ لو كان له الرجوع إليه.. لم يكن بفقد هذا الشرط عليه ضرر) .
قال أصحابنا: ولأن عموم الخبر يدل على: أنه يتبع أبدا وإن مات مفلسا. أو جحده فحلف.
وروي: أن أبا سعيد بن المسيب كان له على علي بن أبي طالب كرم الله وجهه حق، فسأله أن يحيله به على رجل، فأحاله به عليه، فمات المحال عليه. فعاد أبو سعيد يسأل عليا حقه، فقال له علي:(اخترت علينا غيرنا، أبعدك الله) . فثبت أنه إجماع؛ لأنه لم ينكر على علي أحد من الصحابة، ولأنه لا يخلو: إما أن يكون بالحوالة سقط حقه من ذمة المحيل، أو لم يسقط، فإن لم يسقط حقه عنه.. كان له الرجوع عليه، سواء مات المحال عليه، أو لم يمت، وسواء أفلس أو لم يفلس، وإن كان قد سقط حقه عنه، فكيف يرجع بالإعسار والجحود؟! لأن الحوالة كالقبض للحق، فلم يرجع على المحيل، كما لو قبض عن حقه عوضا، فتلف في يده.