وإن قلنا: لو صدقه لا رجوع له عليه.. فلا يمين عليه.
وإن اختار المضمون له أن يرجع على الضامن، فرجع عليه.. برئت ذمة المضمون عنه والضامن، وهل للضامن أن يرجع على المضمون عنه إذا صدقه في دفع الأولى؟
إن قولنا بقول أبي علي بن أبي هريرة: إن للضامن أن يرجع بالأولى على المضمون عنه إذا رجع المضمون له على المضمون عنه.. رجع الضامن هاهنا بالألف الأولى على المضمون عنه، ولا يرجع عليه بالثانية؛ لأنه يعترف أنه وزنها ظلما. فلا يرجع على غير من ظلمه. وإن قلنا بالمشهور: إنه لا يرجع عليه بشيء في الأولى.. فهل يرجع هاهنا بشيء؟ فيه وجهان، حكاهما ابن الصباغ:
أحدهما: لا يرجع عليه بشيء، أما الأولى: فقد مضى الدليل عليها، وأما الثانية: فلا يرجع بها؛ لأنه يعترف أن المضمون له ظلمه بأخذها، فلا يرجع بها على غير من ظلمه.
والثاني: يرجع عليه، ولم يذكر الشيخ أبو حامد غيره؛ لأنه قد أبرأ المضمون عنه بدفعه عنه ظاهرا وباطنا، فكان له الرجوع عليه، كما لو دفع بالبينة.
فإذا قلنا بهذا: فبأيتهما يرجع؟ فيه ثلاثة أوجه:
أحدها - وهو قول القاضي أبي حامد -: أنه يرجع عليه بالثانية؛ لأن المطالبة عن المضمون عنه سقطت بها في الظاهر.
والثاني: يرجع بالأولى؛ لأن براءة الذمة حصلت بها في الباطن.
والثالث - وهو قول ابن الصباغ -: أنه يرجع بأقلهما؛ لأنه إن كان قد ادعى أنه دفع في المرة الأولى ثوبا قيمته دون الألف، وفي الثانية دفع الألف.. فقد أقر بأن الثانية ظلمه بها المضمون له، فلا يرجع بها على غير من ظلمه، وإن كان يدعي أنه دفع في المرة الأولى ألف درهم، وفي المرة الثانية ثوبا قيمته دون الألف.. لم يرجع إلا بقيمة الثوب؛ لأنه لو لم يدفعه.. لم يستحق الرجوع بالأولى، فلم يستحق إلا قيمة الثوب.
فإن كان الضامن حين دفع الأولى بغير محضر المضمون عنه قد أشهد على الدفع، فإن كانت البينة قائمة.. حكم بها على المضمون له، ولم تقبل يمينه، ويكون