الرابع: أن يكون الحاضر أنكر شراءه، وشراء شريكه، وضمانهما، إلا أن الحاضر لما قامت عليه البينة، وأخذ منه المدعي الألف ظلما.. ثبت له على الغائب خمسمائة بالبينة، وقد أخذ المدعي من الحاضر خمسمائة ظلما، فيكون للحاضر أن يأخذ ما ثبت للمدعي على الغائب.
ومن أصحابنا من وافق المزني، وقال: يرجع الحاضر على الغائب بخمسمائة وإن أنكر الشراء والضمان؛ لأنه يقول: كان عندي إشكال في ذلك، وقد كشفت هذه البينة هذا الإشكال وأزالته، فهو كمن اشترى شيئا، وادعى عليه آخر بأنه له، وأنكر المشتري ذلك، وأقام المدعي بينة، وانتزعه من يده.. فإن له أن يرجع على البائع بالثمن، ولا يقال: إن بإقراره أن المدعي ظالم يسقط حقه من الرجوع.
وقال الشيخ أبو حامد في " التعليق ": ينظر في الحاضر:
فإن تقدم منه تكذيب البينة، مثل: أن قال لمن ادعى عليه. لم نبتع منك شيئا، ولا تستحق علينا شيئا، ثم قامت البينة بذلك.. فإنه لا يرجع على صاحبه بشيء؛ لأنه قد كذب البينة بما شهدت، وأن هذا المدعي ظالم.
قيل له: فإن قدم الغائب، واعترف بصدق المدعي.. فقال: لا يرجع عليه بشيء؛ لأنه يقر له بما لا يدعيه.
وإن لم يتقدم منه تكذيب البينة، مثل: أن قال: ما لك عندي شيء.. فإنه يرجع على صاحبه بخمسمائة؛ لأنه ضمن عنه بإذنه، ودفع عنه.
قلت: ولعل صاحب الوجه الأول لا يخالف تفصيل الشيخ أبي حامد في جواب الحاضر، وأن الحكم يختلف باختلاف جوابه، كما ذكره.