أحدهما: يصح؛ لأن الحاجة تدعو إلى هذا الضمان قبل قبض الثمن، كما تدعو إليه بعد قبضه.
والثاني - ولم يذكر ابن الصباغ غيره -: أنه لا يصح؛ لأنه ضمان الحق قبل وجوبه، فلم يصح.
قال ابن الصباغ: وألفاظه أن يقول: ضمنت عهدته، أو ثمنه، أو دركه، أو يقول للمشتري: ضمنت خلاصك منه، أو يقول: متى خرج المبيع مستحقا.. فقد ضمنت لك الثمن، فإن قال: ضمنت لك خلاص المبيع.. لم يصح؛ لأنه لا يقدر على ذلك متى خرج مستحقا.
قال ابن سريج: لا يضمن درك المبيع إلا أحمق.
إذا ثبت هذا: فإن المزني نقل في (الإقرار) : (ولو ضمن له عهدة دار اشتراها، أو خلاصها، فاستحقت.. رجع بالثمن على الضامن إن شاء، والخلاص: المال يسلم إليه) . فتأول أصحابنا ذلك تأولين:
أحدهما: أنه أراد: خلاصك منها؛ لأن خلاصه إذا كان متعلقا بها.. جاز إضافته إليها، كما يضاف المصدر إلى الفاعل، والمفعول به.
والثاني: أنه أراد: وخلاصها، وقد جاءت (أو) بمعنى: الواو. قال الله تعالى:{وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ}[الصافات: ١٤٧][الصافات: ١٤٧] ، وقال:{وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا}[الإنسان: ٢٤][الإنسان: ٢٤] .
فأما ما يكتب في الوثائق: ضمن فلان بن فلان البائع لفلان بن فلان المشتري قيمة ما أحدث في المبيع من بناء أو غراس، وغير ذلك إذا خرج مستحقا.. قال أصحابنا: فإن هذا ضمان باطل بلا خلاف على المذهب؛ لأنه ضمان ما لم يجب، وضمان مجهول.
فإن قيد ذلك، بأن قال: من درهم إلى ألف.. لم يصح؛ لأنه ضمان ما لم يجب.
وقال أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (يصح ضمان هذا مع العهدة) . بناء على أصله في ضمان ما لم يجب، وقد مضى ذكره.