والبينات) :(ضعيفة) يريد في القياس، وهو قوي في الأثر.
وذهب المزني، وأبو إسحاق إلى: أن المسألة على قولين:
أحدهما: لا تصح؛ لأنه كفالة بعين، فلم تصح، كالكفالة بالزوجة، وبدن الشاهد، ولأنه ضمان عين في الذمة بعقد، فلم تصح، كما لو أسلم في ثمرة نخلة بعينها.
فقولنا:(ضمان عين) احتراز من ضمان الدين، فإنه يصح.
وقولنا:(في الذمة) احتراز من البائع، فإنه يضمن العين المبيعة في يده، لا في ذمته، ولو تلفت قبل القبض.. لم يضمنها في ذمته.
وقولنا:(بعقد) احتراز من الغاصب، فإنه يضمن العين المغصوبة في يده، وفي ذمته.
والقول الثاني: أن الكفالة بالبدن صحيحة، وهو قول شريح، والشعبي، ومالك، وأبي حنيفة، والليث بن سعد، وعبيد الله بن الحسن، وأحمد رحمة الله عليهم، وهو الصحيح؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}[يوسف: ٧٨][يوسف: ٧٨] .
ولما روي: أن رجلا جاء إلى عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فقال: إني مررت بباب عبد الله بن النواحة، فسمعته يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن مسيلمة رسول الله، فكذبت سمعي، وكففت فرسي حتى سمعت أصحابه في المسجد يضجون بذلك، فأرسل إليه عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فحضر، واعترف بذلك، فقال له عبد الله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أليس كنت تقرأ القرآن؟ فقال: كنت أتقيكم به. فأمر به، فقتل، ثم شاور أصحاب محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بقية أصحابه، فأشار بعضهم بقتلهم، وأشار بعضهم بأن يستتابوا، ويتكفل بعضهم عشائرهم، فاستتابهم، فتابوا، وكفلهم عشائرهم. فدل على: أن الكفالة بالبدن كانت شائعة عند الصحابة