فإن اتفقا على قدر قيمتها، أو قامت بينة بقدر قيمتها.. استقر ملك الغاصب عليها.
وإن اختلفا في قدر قيمتها.. فالقول قول الغاصب مع يمينه في قدرها، فإذا حلف، ودفع القيمة بيمينه، ثم ظهرت العين المغصوبة، فإن كانت قيمتها مثل ما غرم أو أقل.. استقر ملكه عليها، وإن كانت أكثر.. كان المغصوب منه بالخيار: بين أن يقر حكم المعاوضة ويمسك القيمة، وبين أن يفسخ ويسترجع العين المغصوبة، ويرد ما أخذ من القيمة) .
دليلنا: أنه غرم ما تعذر عليه رده بخروجه من يده، فوجب أن لا يملك به العين المغصوبة، كما لو غصب منه مدبرا، أو أم ولده، فأبقا.
فقولنا:(بخروجه من يده) احتراز ممن غصب زيتا، فخلطه بزيت له، فغرم له زيته.. فإنه يملك ما بقي في يديه من زيته؛ لأنه لا يمكن تمييزه منه بحال، وممن أعتق شقصا له من عبد وهو موسر؛ لأن نصيب الشريك كالمستهلك، ولأن العين المغصوبة في هذه الحالة لا يصح للمالك بيعها من الغاصب، ولا من غيره، فلم يملكها الغاصب بدفعه لقيمتها، كما لو أتلف لغيره عينا، فدفع قيمتها.. فإنه لا يملكها، ولأن المغصوب منه أخذ البدل لأجل تعذر رد العين، لا لأجل المعاوضة، إذ لو كانت معاوضة.. لثبت فيها خيار المجلس، والثلاث، والشفعة، ولكان إذا لم يرجع المغصوب إلى الغاصب.. أن يرجع الغاصب على المغصوب منه بما دفع إليه، كما لو باع المغصوب منه العين المغصوبة ممن يقدر على انتزاعها من الغاصب.
إذا ثبت هذا: فإن العين إذا رجعت.. أخذها المغصوب منه بزيادتها المتصلة والمنفصلة كما لو كانت باقية في يد الغاصب.
وإن كان لمثلها أجرة.. فله أن يطالبه بأجرتها من حين غصبها إلى أن يأخذ قيمتها، بلا خلاف على المذهب، وهل له مطالبته بأجرتها من حين قبض قيمتها إلى أن قبض العين؟ فيه وجهان: