للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد زال؛ لأنها لا تصلح للزراعة، ولا للهريس، وهكذا: إذا كان دقيقاً، فخبزه، أو كان المغصوب شاة، فذبحها وشواها، أو نقرة، فطبعها دراهم.. فإنه يملك ذلك كله، إلا أنه يكره له التصرف فيه قبل دفع القيمة إلى مالكه) .

وحكى ابن جرير، عن أبي حنيفة: أنه قال: (إذا دخل لص دار رجل، ولصاحب الدار فيه حنطة ورحى، فأخذ اللص من الطعام، وطحنه في الرحى.. فإنه يملك الدقيق، فإن جاء صاحب الطعام، وأراد أخذه منه.. كان له منعه ودفعه، فإذا لم يمتنع صاحب الدار عن اللص إلا بالقتل، فقتله اللص.. فلا شيء عليه) . واحتج بما روي: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زار قوما من الأنصار في دارهم، فقدموا إليه شاة مشوية، فتناول منها لقمة، فجعل يلوكها ولا يسوغها، فقال: (إن هذه الشاة لتخبرني: أنها أخذت بغير حق) . قالوا: نعم يا رسول الله، طلبنا في السوق، فلم نجد، فأخذنا شاة لبعض جيراننا، ونحن نرضيهم عن ثمنها، فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (أطعموها الأسرى» . وهذا يدل على: أن حق أصحابها قد انقطع عنها، إذ لم يأمرهم بردها إليهم.

ودليلنا: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «على اليد ما أخذت حتى تؤديه» .

وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه» .

ولأنه مغصوب، غيره الغاصب بفعل تعدى به، فلم يملكه به، كما لو غصب شاة، وذبحها، ولم يشوها. وأما الخبر: فتأويله: أن الأسرى كانوا مضطرين، فأمرهم بدفعها إليهم؛ لأن أصحابها كانوا غير موجودين، ويخاف فسادها قبل وصولها إليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>