فعلى هذا: يعطيه الغاصب مثل زيته من غير هذا المختلط.
والثاني: يصيران شريكين في هذا المختلط؛ لأن عين ماله اختلط بجنسه، فصارا شريكين، كما لو اشتريا صاعين بينهما.
فعلى هذا: يباع الزيتان، ويقسم الثمن بينهما على قدر قيمتهما، فيكون للغاصب ثلثا الثمن، وللمغصوب منه الثلث، فإن طلب المغصوب منه أن يأخذ من هذا الزيت المختلط ثلثي صاع، وهو ما قيمته منه قيمة صاعه.. ففيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز؛ لأنه يأخذ بعض صاع عن صاع، وذلك رباً.
والثاني: يجوز؛ لأنه يأخذ بعض حقه، ويترك البعض باختياره، وليس ذلك برباً؛ لأن الربا في المعاوضات، وليس ذلك بمعاوضة.
ومنهم من قال: يصير في الغصب كالمستهلك، قولاً واحداً، وفرقوا بينه وبين التفليس؛ لأن في التفليس لا يمكن الغريم الرجوع إلى كمال حقه إذا ضارب مع الغرماء، فجعل شريكاً، وهاهنا يمكنه أن يرجع في بدله، وهو كمال حقه.
وإن خلطه بمثله، بأن غصب منه صاعاً من زيت يساوي درهمين، فخلطه بصاع له من زيت يساوي درهمين، فإن بذل الغاصب صاعاً منه.. أجبر المغصوب منه على قبوله؛ لأن بعضه عين ماله، وبعضه مال الغاصب، وهو مثله، فأجبر على قبوله، وإن طلب المغصوب منه صاعاً منه، وامتنع الغاصب من ذلك، بل أراد أن يعطيه صاعاً من غيره.. فاختلف أصحابنا فيه:
فقال أبو العباس، وأبو إسحاق: يجبر الغاصب على أن يدفع إليه صاعاً منه؛ لأن فيه بعض عين ماله، فلا يلزمه الانتقال إلى بدله، كما لو غصب منه صاعاً، وتلف بعضه.
ومنهم من قال: لا يجبر الغاصب على دفع صاع منه، وهو المنصوص هاهنا في (الأم)[٣/٢٢٦] ؛ لأن عين مال المغصوب منه غير متميز من مال الغاصب، فصار كالمستهلك.
وإن خلطه بأردأ منه، بأن غصب منه صاعاً يساوي أربعة دراهم، فخلطه بصاع