فإن قال المغصوب منه للغاصب: قد أبرأتك من ضمان من يقع فيها.. فهل يبرأ من ضمان من يقع فيها؟ فيه وجهان:
أحدهما: أنه لا يبرأ؛ لأن الضمان بالحفر حق للغير.. فلا يصح إبراء المغصوب منه، ولأن هذا أبرأه مما لا يجب، فلم يصح.
فعلى هذا: للغاصب طم البئر بكل حال.
والثاني: أنه يبرأ، وهو قول أبي حنيفة، قال الشيخ أبو حامد: وهو الأصح؛ لأن الضمان يلزمه بوجود التعدي، فزال عنه برضا المالك، كما لو حفر بإذنه.
قال ابن الصباغ: وهكذا: ينبغي إذا لم يتلفظ بالإبراء، وإنما منعه من طمها؛ لأنه يتضمن رضاه بذلك.
فعلى هذا: ليس له أن يطم التراب إن كان قد وضعه في ملك المغصوب منه، وإن كان قد وضعه في ملك نفسه، أو في ملك غيره.. رده.
وإن غصب أرضاً، ثم كشط ترابها.. جاز للمغصوب منه أن يطالبه برده، وإعادة الأرض كما كانت، فإذا رده، فإن نقصت قيمة الأرض بعد ذلك عن قيمتها قبل الكشط.. لزمه ما بين القيمتين، وإن أراد الغاصب رده، وامتنع المغصوب منه، فإن كان الغاصب قد نقل التراب إلى ملك نفسه، أو إلى ملك غيره، أو إلى طريق المسلمين، أو إلى ملك المغصوب منه، ونقصت قيمة الأرض بنقل التراب إلى ملك المغصوب منه، ويرجو بإعادته زوال النقص.. فللغاصب رده؛ لأن له غرضاً في رده، وهو تفريغ ما نقل إليه التراب، أو زوال النقص، وإن كان نقل التراب إلى ملك المغصوب منه، ولم تنقص قيمة الأرض.. لم يكن له ذلك؛ لأنه لا فائدة له في ذلك.
وإن خرق ثوباً، وطلب الغاصب أن يرفأه.. قال المسعودي [في (الإبانة) ق\ ٣١٤] : لم يجبر المالك على تمكينه من ذلك؛ لأنه لا يعود إلى حالته الأولى.