الذي تم به العقد.. قال ابن الصباغ: صح الأخذ وإن لم يختر المشتري، ولا حضر؛ لأنه يستحق أخذه بغير اختياره، فلم يفتقر إلى حضوره، ولا يفتقر إلى حكم الحاكم بذلك؛ لأن استحقاق الشفيع ثابت بالنص والإجماع.
وإن كان الشفيع لم يشاهد الشقص.. فهل يصح أخذه بالشفعة؟
إن قلنا: إن بيع خيار الرؤية لا يصح.. لم يصح أخذه، كما لا يصح ابتياعه له.
وإن قلنا: يصح بيع خيار الرؤية.. فهل يصح أخذه له قبل رؤيته؟ اختلف أصحابنا فيه:
فقال القاضي أبو الطيب: فيه وجهان، بناء على أن الشفيع هل يثبت له خيار المجلس في الشفعة؟ وفيه وجهان يأتي ذكرهما.
فإن قلنا: يثبت له فيها خيار المجلس.. ثبت له فيها خيار الرؤية.
وإن قلنا: لا يثبت له خيار المجلس.. لم يثبت له فيها خيار الرؤية.
وقال أبو العباس ابن سريج: لا يثبت له فيها خيار الرؤية، قولاً واحد؛ لأن خيار الرؤية إنما يثبت للمشتري على أحد القولين؛ لأن البيع يثبت برضا البائع، وهاهنا يؤخذ الشقص من المشتري بغير رضاه، فلا يثبت فيها خيار الرؤية.
وإن كان الشفيع لم يعلم قدر الثمن.. فذكر ابن الصباغ، والطبري: أن أخذه لا يصح، ولا يسقط حقه من الشفعة إذا أخر طلبها إلى أن يعلم قدر الثمن؛ لأن ذلك يملك بعوض، فلا يصح مع الجهالة بالعوض، كالبيع.
وذكر الشيخ أبو حامد في (التعليق) : إذا قال الشفيع: بكم ابتعت؟ أو بكم الثمن؟ بطلت شفعته؛ لأنه قد كان يمكنه أن يقول مكان ذلك: قد أخذت بالثمن الذي ابتعت به، فلما لم يفعل.. كان تاركاً للمطالبة بالشفعة مع تمكنه منها، وهذا يدل من قوله: إن الأخذ يصح مع جهالة الشفيع بقدر الثمن.
إذا ثبت هذا: فقال ابن الصباغ: وإذا اختار الشفيع على ما ذكرناه.. ملك الشقص بذلك، ولا يلزم المشتري تسليم الشقص إليه حتى يسلم إليه الثمن، فإن كان الثمن موجوداً.. سلمه الشفيع إليه، وإن تعذر الثمن عليه في الحال.. أجلنا الشفيع ثلاثاً،