وإن كان المشتري أجنبياً، وكان هناك محاباة تخرج من الثلث، فإن كان الشفيع أجنبياً.. كان له أخذ جميع الشقص بالألف؛ لأن الشفيع يأخذ جميع ما حصل للمشتري بالذي ملك به، وإن كان الشفيع وارثا.. ففيه خمسة أوجه؛ أربعة لأبي العباس، والخامس خرجه أصحابنا:
أحدها: أن البيع صحيح، ولا يستحق الشفيع إلا نصف الشقص بالألف، ويبقى النصف للمشتري بغير ثمن؛ لأن المحاباة تصح للأجنبي، ولا تصح للوارث، فلو دفعنا جميع الشقص إلى الشفيع.. لحصلت المحاباة للوارث، وهذا لا يجوز، فصار كأنه باع منه النصف بألف، ووهب منه النصف.
والوجه الثاني: أن البيع يصح في نصف الشقص بألف، ويأخذه الشفيع، ويبطل البيع في نصفه، فيرجع إلى ورثة الميت؛ لأنا لا يمكننا أن ندفع جميع الشقص إلى الشفيع؛ لأن في ذلك إثبات المحاباة للوارث، وهذا لا يصح، ولا يمكننا أن نقول: يأخذ نصف الشقص بالألف؛ لأن ذلك يؤدي إلى أن يلزم الشفيع أكثر مما لزم المشتري، وهذا لا يجوز، فلم يبق إلا ما قلناه.
والوجه الثالث: أن البيع يبطل في الجميع؛ لأنه لا يمكن تصحيح البيع في الشقص، ودفع المحاباة إلى الوارث؛ لأن ذلك لا يجوز، ولا يمكن أن يدفع إلى الوارث نصف الشقص بجميع الثمن؛ لأن ذلك يؤدي إلى أن يلزم الشفيع أكثر مما لزم المشتري، وهذا لا يجوز، ولا يمكن إبطال البيع في النصف الذي تعلقت به المحاباة فقط؛ لأن تعلق البيع في النصف الذي حصلت به المحاباة كتعلقه بالآخر، فلم يبق إلا الحكم بإبطال البيع في الجميع.
والوجه الرابع ـ وهو اختيار الشيخين: أبي حامد، وأبي إسحاق ـ: أن البيع يصح في جميع الشقص بالألف، ويستحق الشفيع أخذ جميعه بالألف؛ لأن الاعتبار بالمحاباة لمن حصلت له، لا بمن تؤول إليه المحاباة، والذي حصلت له المحاباة هو