فكان على الفور، كخيار الرد بالعيب، وفيه احتراز من خيار القصاص.
فإذا قلنا بهذا، وعليه التفريع: فمعنى قولنا: (على الفور) هو أن يطالبه على حسب ما جرت العادة به، لا على أسرع ما يمكن، حتى لو أمكنه أن يطرد مركوبه، أو يسرع في السير، فلم يفعل.. أن تبطل شفعته؛ لأن هذا لا يقوله أحد، ولكن على حسب العادة، فإن علم ذلك بالليل.. فليس عليه أن يطالبه، حتى يصبح؛ لأن العادة في الليل الإيواء والسكن دون المطالبة بالحقوق، وكذلك: إن علم وهو جائع أو عطشان.. لم يكن عليه أن يطالب حتى يفرغ من الأكل والشرب، وكذلك: إن علم به وهو في الحمام.. لم يكن عليه أن يطالب حتى يخرج منه، وكذلك: إن كان يريد الصلاة.. فله أن يتطهر، ويلبس الثوب، ويؤذن، ويأتي بسنن الصلاة وهيآتها، ولا تبطل شفعته بذلك؛ لأن العادة جرت بتقديم هذه الحوائج على غيرها، وكذلك: إذا أخره لإغلاق الباب، وحفظ المال، وتحصيل المركوب إن كانت عادته الركوب، أو كانت المسافة بعيدة؛ لأن العادة جرت بتقديم ذلك، وإذا لقي المشتري، وقال: السلام عليكم، أخذت الشقص أو الشفعة بالثمن الذي اشتريت به.. صح ذلك، ولا تبطل شفعته بالسلام؛ لأن السلام قبل الكلام سنة؛ لما روي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«من بدأ بالكلام قبل السلام.. فلا تجيبوه» .