والثاني: لا تبطل، وهو ظاهر ما نقله المزني؛ لأنه استحق أخذ الشفعة بمثل الثمن الذي وقع به العقد في ذمته، فإذا عين عن ذلك ما لا يملكه. بطل حكم التعيين، ولم تبطل الشفعة، كما لو اشترى شيئا بدنانير في ذمته، ثم نقد عنها ما لا يملكه.
فإن كان للشفيع عذر.. فالعذر ثلاثة أشياء: مرض، أو حبس، أو غيبة. فإن كان مرضا.. نظرت:
فإن كان مرضا يسيرا كالصداع اليسير، وما أشبهه.. فحكمه حكم الصحيح.
وإن كان مرضا كبيرا لا يتمكن معه من السير، فإن لم يمكنه التوكيل.. لم تسقط شفعته؛ لأنه غير قادر على المطالبة، وإن أمكنه التوكيل، فلم يوكل.. فهل تسقط شفعته؟ فيه ثلاثة أوجه:
أحدها - وهو المذهب -: أن شفعته تسقط؛ لأنه أخر المطالبة مع القدرة عليها، فهو كالصحيح.
والثاني: لا تسقط شفعته؛ لأنه قد يكون له غرض بترك التوكيل، بأن يطالب بنفسه؛ لأنه أقوم بذلك، أو يخاف الضرر من التوكيل بأن لا يوجد من يتوكل له إلا بعوض فإن وجد بغير عوض احتاج إلى التزام منه أو يخاف أن يقر عليه الوكيل بما يسقط حقه، ثم يرفع ذلك إلى حاكم يحكم بصحة إقرار الوكيل على الموكل.
والوجه الثالث: إن وجد من يتطوع بالوكالة بغير عوض، فلم يوكل.. سقطت شفعته؛ لأنه لا ضرر عليه بذلك، وإن لم يجد من يتوكل عنه إلا بعوض.. لم تسقط شفعته بترك توكيله؛ لأن عليه ضررا بذلك.
وإن علم بالبيع وهو محبوس، فإن كان محبوسا بغير حق، بأن حبسه السلطان مصادرة ليأخذ منه شيئا بغير حق، أو حبس بدين عليه، وهو معسر.. فحكمه حكم