بين أن يكون المال ناضا، أو عرضا، ولأن هذا ليس بابتداء قراض على العرض، وإنما هو بناء على قراض رب المال، ولأنا إنما منعنا القراض على غير الدراهم والدنانير؛ لأنه يحتاج عند المفاصلة إلى رد المثل، أو رد القيمة، وذلك يختلف باختلاف الأوقات، وهذا غير موجود في مسألتنا؛ لأن رأس المال هاهنا غير العرض.
ومن أصحابنا من قال: لا يصح، وهو اختيار الشيخين: أبي حامد، وأبي إسحاق؛ لأن القراض الأول قد بطل بالموت، وهذا عقد قراض على العرض، فلم يصح، كما لو عقده على عرض قد اشتراه الوارث.
وما قاله أبو إسحاق ينكسر في المتقارضين إذا فسخا عقد القراض والمال عروض، ثم أرادا عقد القراض ثانيا على ملك العروض.. فإنه لا يصح وإن كان بناء على القراض الأول، ويمكن هاهنا أيضا رد رأس المال الذي عقدا عليه أولا.
وإن كان الميت هو العامل.. فقد ذكرنا: أن القراض ينفسخ بموته. فإن كان المال ناضا.. أخذ رب المال رأس ماله، وإن كان هناك ربح.. أقتسمه رب المال ووارث العامل، وإن كان المال عرضا.. بيع؛ ليظهر الربح فيه لوارث العامل، وليس لوارث العامل أن يبيعه إلا أن يأذن رب المال؛ لأن رب المال إنما رضي باجتهاد العامل دون ورثته، فإن لم يتفقا على من يبيعه.. رفع إلى الحاكم ليأمر ببيعه.
وإن أجاز رب المال ابتداء عقد القراض مع وارث العامل، فإن كان المال ناضا.. فقال البغداديون من أصحابنا: جاز، سواء كان في المال ربح أو لم يكن فيه ربح، كما قلنا في رب المال إذا مات.
وقال المسعودي [في (الإبانة) : ق \ ٣٢٣] : إن كان في المال ربح.. لم يجز؛ لأنه شريك، وإن لم يكن فيه ربح جاز، فإن كان فيه خسران فشرط أن يجبر الخسران بتصرفه.. لم يجز، وإن كان المال عرضا.. لم يجز عقد القراض عليه، وجها واحدا