ويكون تأويل قوله ـ على هذا ـ:«وكذلك فافعلي في كل شهر، كما تحيض النساء ويطهرن، لميقات حيضهن وطهرهن» ؛ أي: أنك إذا حيضت نفسك ستًا أو سبعًا.. صرت بمنزلة سائر النساء اللواتي يحضن ستا أو سبعا، فذكر ذلك لها على وجه التشبية بغيرها من النساء؛ لأنه جعل عادتها كعادة غيرها.
والقول الثاني ـ في أصل المسألة ـ: أنها ترد إلى ست أو سبع، وهو إذا قلنا: إن حمنة كانت مبتدأة، وهو الأصح؛ لأنه لم ينقل: أنه سألها عن حيضها قبل ذلك، ولو كانت معتادة.. لسألها عن عادتها، وردها إليها.
فعلى هذا: يكون لها أربعة أحوال:
حيض بيقين، وهو الليلة واليوم.
وطهر بيقين؛ وهو ما زاد على خمسة عشر يومًا.
وحيض مشكوك فيه، وهو ما زاد على يوم وليلة إلى الست أو السبع.
وطهر مشكوك فيه، وهو ما زاد على الست أو السبع إلى تمام خمسة عشر يومًا.
وأما تخيير النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لحمنة ـ على هذا القول ـ بين الست أو السبع.. فقال أصحابنا: يحتمل تأويلين:
أحدهما: أنه خيرها في ذلك، وهو اختيار ابن الصباغ؛ لأن الست عادة غالبة في النساء، والسبع عادة غالبة فيهن، وقد روي: أنه قال لها: «فأيهما قعدت.. فلا حرج؛ لأنك لم تخرجي عن عادة النساء» .
والثاني: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شك في العادة الغالبة، فردها إلى اجتهادها في ذلك، وهو اختيار الطبري، فيكون معنى قوله:"تحيضي في علم الله تعالى". يعني: إن كانت العادة في علم الله ستًا.. فتحيضي ستًا، وإن كانت سبعًا.. فتحيضي سبعًا.
فإذا قلنا بهذا التأويل.. فهل تعتبر نساء الناس. أو نساء أهلها وأقربائها وأهل بلدها؟ فيه وجهان:
أحدهما: تعتبر نساء العالم؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "كما تحيض النساء". والعموم يقتضي نساء العالم.