هذه المزارعة؛ لأنه لا يمكن سقي النخيل إلا بسقي الأرض التي بينها.
فلو قلنا: لا يجوز المزارعة عليها.. للزم على العامل عمل لا يستحق به عوضًا.
إذا ثبت هذا: فإن قال: ساقيتك على النخيل أو الكرم، وزارعتك على الأرض التي بينها بالنصف.. جاز.
وإن قال: عاملتك على النخيل والأرض بالنصف.. جاز؛ لأن لفظ المعاملة يشملهما.
وإن قال: ساقيتك على النخيل والأرض بالنصف.. لم يصح في الأرض؛ لأن المساقاة لا تتناول البياض، وهل تبطل المساقاة في النخيل؟ فيه قولان، بناء على تفريق الصفقة.
وإن قال: ساقيتك على النخيل بثلث ثمرتها، وزارعتك على الأرض التي بينها بنصف ما يخرج منها.. فهل يصح؟ فيه وجهان، حكاهما الشيخ أبو إسحاق:
أحدهما: لا يصح؛ لأن المزارعة إنما جازت هاهنا تبعًا للنخل، فإذا فاصل بينهما في العوض.. لم يتبع أحدهما الآخر.
والثاني: يصح، وهو الصحيح، ولم يذكر الشيخ أبو حامد في " التعليق "، وابن الصباغ غيره، كما لو ساقاه على بستان فيه أنواع من الثمرة، وجعل له من كل نوع نصيبًا، وفاضل بين الأنصباء.
وإن عقد المزارعة، ثم عقد المساقاة.. لم تصح المزارعة؛ لأنها إنما أجيزت تبعًا للمساقاة، فلا تتقدم على المساقاة.
وإن عقد المساقاة على النخل، ثم عقد المزارعة على الأرض.. ففيه وجهان:
أحدهما: لا تصح المزارعة؛ لأنها إنما أجيزت تبعًا للمساقاة على النخيل، فإذا أفردها بالعقد.. لم تصح، كما لو باع الثمرة قبل بدو الصلاح، من غير شرط القطع منفردة عن الشجر.
والثاني: تصح؛ لأنا إنما جوزنا المزارعة؛ لأنه لا يمكن سقي النخيل إلا بسقي ما بينها من الأرض، وهذا المعنى موجود وإن عقدت المزارعة بعد المساقاة.