{فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ}[الطلاق: ٦] . فذكر الإرضاع، ولم يذكر الحضانة، والإرضاع إنما ينصرف إلى اللبن دون الحضانة.
ومنهم من قال: المقصود الحضانة، واللبن تبع، وهو اختيار الشيخ أبي حامد؛ لأن اللبن عين، والأعيان لا تستباح بعقد الإجارة متبوعًا، وإنما تستباح على وجه التبع لغيرها، ألا ترى أن من استأجر بئرًا ليشرب منها.. لم يصح، وإن استأجر دارًا وفيها بئر ماء.. جاز أن يستقي منها تبعًا للدار؟ وأما الآية: فلأن الرضاع يشتمل على حضانة ولبن، فما قابل الحضانة منها.. كان أجرة، وما قابل اللبن.. كان ثمنًا؛ لأن الأعيان لا تستباح بالإجارة، وقول الله تعالى:{وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}[النساء: ٢٥][النساء: ٢٥] . تغليب للأكثر منهما؛ لأن من شأن العرب إذا جمعت بين شيئين أن تغلب الأكثر، فعلم أن الحضانة هي المقصودة.
وإن استأجرها على الإرضاع، ولم يذكر الحضانة.. فهل يلزمها الحضانة؟ فيه وجهان:
أحدهما: يلزمها ذلك؛ لأن العادة جارية بأن المرضعة تتولى ذلك.
والثاني: لا يلزمها؛ لأن المذكور في العقد هو الإرضاع، وذلك لا يتناول أكثر من سقي اللبن.
إذا ثبت هذا: فمن شرط صحة الإجارة على الإرضاع: أن يعلم الصبي، ولا يصير معلومًا إلا بالمشاهدة؛ لأنه لا يضبط بالوصفِ، وتقدر المنفعة فيها بالمدة؛ لأن تقديرها بالعمل لا يمكن.
ولا تصح الإجارة حتى يشترط أنها ترضعه في بيتها، أو في بيت أبي الصبي؛ لأن الغرض يختلف بذلك؛ لأن للأب غرضًا في أن ترضعه في بيته، لكي يشرف على ولده، ولها غرض في أن ترضعه في بيتها؛ لأنه أسهل لها، ولكي لا تبتذل في القعود في بيوت الناس.
فإن استأجرها الأب بأجرة من مال الصبي.. جاز؛ لأن نفقته في ماله.
وإن استأجرها الأب بأجرة في ذمته.. قال الشيخ أبو حامد: صح، ولزم الأب