الأرض التي يحفر فيها، وإن كانت على أن يحفر له أذرعًا معلومة.. فلا بد من مشاهدة الأرض التي يحفر فيها؛ لأنها تختلف بالصلابة والرخاوة، وإن استأجره على أن يحفر له أذرعًا معلومة.. فعلى الحافر أن يخرج التراب الذي يحصل بالحفر؛ لأنه لا يمكنه أن يحفر إلا بإخراج تراب ما حفر، فإن تهور شيء من تراب ما حفره من جانبي البئر.. لم يلزم الحافر إخراج ذلك، بل على المستأجر أن يخرج ذلك؛ لأنه سقط من ملكه، ولم يتضمنه عقد الإجارة، فهو كما لو سقط في البئر بهيمة لمالك البئر.
فإن حفر الأجير، فوصل إلى حجر في البئر يمكنه حفرها.. ففيه وجهان:
[أحدهما] : قال القاضي أبو الطيب: يلزمه حفرها إذا أمكنه وإن شق عليه؛ لأنه قد التزم الحفر بالعقد.
و [الثاني] : قال ابن الصباغ: لا يلزمه حفرها؛ لأنها مخالفة لما شاهد من الأرض.
وإن وصل إلى حجر لا يمكنه حفرها، أو نبع فيها ماء لا يمكنه معه الحفر وقد بقي من الذرعان التي استأجره عليها بعضها.. انفسخت الإجارة فيما بقي، وهل ينفسخ فيما مضى؟ فيه طريقان، كما قلنا فيمن اشترى عبدين، فتلف أحدهما قبل القبض.
فإذا قلنا: ينفسخ فيما مضى.. سقط المسمى، ووجب للأجير أجرة المثل فيما قد عمل.
وإذا قلنا: لا ينفسخ.. ثبت لكل واحد منهما الخيار في الفسخ لأجل ما بقي، فإن فسخا، أو فسخ أحدهما.. سقط المسمى، ووجب للأجير أجرة المثل لما قد عمل. وإن لم يفسخ واحد منهما.. قال ابن الصباغ: وجب للأجير من المسمى بقدر ما عمل، ولا يقسط ذلك على عدد الأذرع؛ لأن ذلك يختلف، لأن أعلى البئر أسهل في نقل التراب، ولكن يقال: كم أجرة ما قد عمل؟ وكم أجرة ما بقي؟ ويقسم المسمى عليهما.