فإن لم يجد له مالًا.. اقترض عليه من بيت المال، أو من رجل من الرعية ما يكتري به الظهر، وإن لم يكن في بيت المال ما يقرضه، ولم يجد من يقرضه من الرعية، فإن اختار المكتري أن يقرضه، فقبض الحاكم المال منه، واكترى له به، أو فوض ذلك إلى أمين.. جاز، كما لو اقترض له من غيره، وإن أمر الحاكم المكتري ليكتري لنفسه من ماله، ويكون ذلك قرضًا على المكري.. قال الشيخ أبو حامد: فإن الشافعي قال في " البويطي ": (لا يجوز ذلك؛ لأنه لا يجوز أن يكون وكيلًا لغيره في القبض من نفسه) . وحكى المسعودي [في " الإبانة " ق \ ٣٣٣] في ذلك وجهين.
فإن تعذر عليه الاقتراض.. فالمكتري بالخيار: بين أن يقيم على الإجارة إلى أن يجد المكري، فيطالبه بما عليه، وبين أن يفسخ الإجارة، وتكون الأجرة دينًا له في ذمة المكري؛ لأن المعقود عليه تعذر، فثبت له الخيار، كما لو أفلس المشتري.
وإن كانت الإجارة على أجمال بأعيانها.. لم يكن للحاكم أن يكتري له غيرها؛ لأن الإجارة وقعت على عينها، فلا يجوز إبدالها بغيرها، كما لو باعه عينًا، فهرب بها، ويكون المكتري هاهنا بالخيار: بين أن يفسخ الإجارة؛ لأنه استحق المنفعة معجلة وقد تأخرت، فثبت له الخيار، وبين أن يصبر إلى أن يجد الجمال، فيستوفي حقه.
فإن اختار فسخ الإجارة.. نظرت:
فإن كان قد استوفى بعض المنفعة.. انفسخت الإجارة فيما بقي، وهل تنفسخ فيما مضى؟ فيه طريقان، كما قلنا فيمن اشترى عبدين، فتلف أحدهما قبل القبض.
فإن قلنا: تنفسخ في الجميع.. رجع بجميع المسمى إن كان قد دفعه، ووجبت عليه أجرة المثل لما قد استوفاه، فيقاصه الحاكم.
وإن قلنا: تنفسخ في الباقي.. كان له الخيار فيما مضى، فإن اختار الفسخ.. فهو