فمنهم من قال: لأنه قلع غراسه من ملك الغير بغير إذنه، فهو كالغاصب.
ومنهم من زاد وصفًا آخر، فقال: لأنه قلعه من أرض غيره بغير إذنه، ولا يد له عليها.
وإن كان ذلك قبل انقضاء المدة، فمن قال بالتعليل الأول.. فإنه قال: يجب عليه تسوية الأرض وأرش النقص، ومن قال بالثاني.. قال: لا يجب عليه هاهنا شيء. والأول أصح.
وإن لم يختر المكتري القلع.. فالمكري هاهنا بالخيار بين ثلاثة أشياء:
[الأول] : بين أن يعطي المكتري قيمة غراسه، ويتملكه مع أرضه. قال الشافعي:(وإن كانت عليه ثمرة.. أعطاه قيمة الثمرة أيضًا؛ لأنها ملك لصاحب الغراس) . فلما جاز أن يعطيه قيمة الشجرة ويملكها.. فكذلك الثمرة.
و [الثاني] : بين أن يقلع الغراس، ويضمن ما نقص بالقلع، فيقال: كم قيمته وهو ثابت؟ فإن قيل: مائة.. قيل: فكم قيمته وهو مقلوع؟ فإن قيل: خمسون.. دفع إليه خمسين، وقلع.
و [الثالث] : بين أن يقر الغراس في الأرض، ويطالبه بأجرة مثلها؛ لأن الضرر يزول عنهما بذلك.
فإن اختار إقراره بالأجرة، ثم بدا للمكري، وبذل قيمته ليتملكه، أو بذل أرش نقصه ليقلعه.. كان له ذلك.. وكذلك لو اختار المكتري قلع غراسه بعد أن كان قد رضي ببذل الأجرة.. كان له ذلك.
فإن باع صاحب الغراس غراسه من صاحب الأرض.. صح بيعه، وإن باعه من غيره.. ففيه وجهان:
أحدهما: لا يصح؛ لأن ملكه غير مستقر؛ لأن لصاحب الأرض أن يبذل قيمته ليتملكه.
والثاني: يصح، وهو الصحيح؛ لأن ملكه ثابت عليه في الحال، واستحقاق المكري إزالة ملكه عنه لا يمنع صحة البيع، كما لو باع ما فيه الشفعة.