وقولنا:(بغير استحقاق) احتراز من الرهن ومن العين التي استأجرها.
والثاني: لا يجب عليه الضمان، وبه قال عطاء، وطاوس، وزفر، وأحمد، وإسحاق، والمزني. وهو الصحيح؛ لأنها عين قبضها بعقد الإجارة، فلم يضمنها من غير تعد، كالعين المستأجرة، أو لأنها عين قبضها لمنفعة نفسه ومنفعة المالك، فلم يضمنها من غير تعد فيها، كمال القراض والنخل في المساقاة.
وقال الربيع: كان الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - يذهب إلى: أنه لا ضمان على الأجير، قولًا واحدًا، وإنما كان لا يبوح به لفساد الصناع. هذا مذهبنا.
وقال أبو يوسف، ومحمد: إن تلفت العين بأمر ظاهر، كالحريق، والنهب.. فلا ضمان عليه، وإن تلفت بغير ذلك.. ضمن.
وقال أبو حنيفة:(إن تلفت بفعله.. ضمنها وإن كان الفعل مأذونًا فيه، وإن تلفت بغير فعله.. فلا ضمان عليه) . وتوجيه القولين دليل عليهم.
وإن كان الأجير منفردًا.. فاختلف أصحابنا فيه:
فمنهم من قال: هو على قولين. وهو المنصوص؛ لأن الشافعي قال:(والأجراء كلهم سواء) .
ومنهم من قال: لا يجب عليه الضمان، قولًا واحدًا، كما لو كان العمل في دكان المستأجر.
إذا ثبت هذا: فاختلف أصحابنا في صفة الأجير المشترك والمنفرد:
فمنهم من قال:(المشترك) : هو الذي استأجره على عمل في ذمته؛ لأن لكل أحد أن يستأجره على عمل في ذمته، وهو مشترك بين الناس. و (المنفرد) : هو الذي استأجره ليعمل له مدة؛ لأنه لا يجوز لغيره أن يستأجره في تلك المدة، فقد انفرد بها.
ومنهم من قال:(المشترك) : هو أن يستأجره ليعمل له شيئًا، وقال له: اعمله في أي موضع شئت، فيجعله شريكًا في الرأي والتدبير. و (المنفرد) : أن يستأجره